أنظار منصبة على القانون الإنتخابي المحدد لأطر إصلاحات جذرية مقبلة عليها مجالس منتخبة، أحد مقومات مشروع وطني لجمهورية جديدة تستجيب لتطلعات وآمال.
هي محطة مفصلية في مقاربة الرئيس تبون، الذي تعهد بإجراء انتخابات تمنح للمجالس ديناميكية أكثر وتمثيلا موسعا ذا مصداقية، بعيدا عن تحالفات حزبية أبقتها في حالة رتابة وكرست صراعات ظاهرة وخفية أثرت على أدائها ووظيفتها.
يظهر من خلال مقاربة الرئيس، أن هناك إرادة في تغيير الواقع السياسي لهذه المجالس، التي ظلت تحت قبضة ثنائية قطبية، وطنية وإسلامية، عقودا من الزمن، بعيدا عن تعددية فعلية قدمت إضافة لعمل تشريعي ورقابي بصفتها سلطة موازية للتنفيذية. وهي مهمة دستورية تضطلع بها هذه المجالس في مسار التحول الشامل، مع ورشات إصلاح عميقة، غايتها إقامة دولة مؤسسات تؤسس لفصل حقيقي بين السلطات؛ تعزز الصلاحيات الرقابية للبرلمان؛ ويسمح بعمل متناغم يحمي حقوق المواطن.
المجالس المنتخبة القادمة، ستترجم بدقة هذا التطلع لتكون أحد منطلقات تغيير المشهد السياسي ببروز قوى سياسية وفعاليات مجتمع مدني شابة، تطرح بدائل حلول تسيير، تنظيم واتخاذ مبادرات حل تعقيدات الراهن مباشرة دون انتظار مؤشرات فوقية تفرضها مركزية القرار والتوجه مثلما جرى في عهدات وحقب سابقة.
وهي تجربة ليست على ما يرام عطلت مسار البناء الوطني وكرست حالة لا ثقة لدى مواطن ملّ من الوعود فأدار ظهره لجماعات محلية مشكلة من أعضاء تحكمهم قاعدة تحالف وولاء أكثر من برامج تحمل خيارات خدمة مواطن ووطن.
من هنا تبدأ المعادلة الجديدة ونظرتها لمجالس منتخبة فاعلة وفعالية في خارطة سياسية قيد التأسيس، تعتمد مواصفات الديمقراطية التشاركية، إلى جانب الوظيفة التمثيلية الشفافة التي تضع حدا لممارسات سابقة وسلوكيات لا جدوى منها، مثل توزيع المقاعد حسب الولاء والنفوذ ومن يدفع أكثر له الأسبقية، ويحظى بحق الرعاية والعناية.
من هنا يفهم لماذا مجالس منتخبة بديلة، بعد صياغة الإطار القانوني لانتخابات تحدد فيها معايير ترشح تساعد على بروز جيل جديد لكفاءات لهم من الوطنية ما تكفي لانتزاع مكانة في هذه الهيئات دون إقصاء.