مذهل ما فعله الهلع في بعض المواطنين الذين تجردوا من انسانيتهم وهرعوا الى شراء المواد الغذائية لتخزينها خشية ندرتها ونفاذها في الايام القليلة القادمة بعد ارتفاع عدد المصابين بجائحة الكورونا، مشاهد لأشخاص يجرون العربات مملوءة بالعجائن والدقيق والخل ومسحوق الحليب وحليب الرضع و مواد أخرى، الغريب ان هذا السلوك يعبر عن أنانية عميقة تسكن النفس حتى اصبح الموت مجرد اسم سقط خائبا امام الانسان.
هذا الانسان الذي تفرد بأنانية جعلته يمسح من مفرداته التفكير بالآخر و اصبح الاهم بالنسبة له تخزين المواد الغذائية حتى يستطيع تجاوز ما تأتي به قادم الايام فيما يتعلق بفيروس كورونا، لكن لم يفهم هؤلاء ان الوباء مصاب يمس الجميع و بدون تضافر الجهود لا يمكن تجنب الكارثة، و لن يكون حال هؤلاء الذين يفرون من المراكز الطبية احسن منهم رغم علمهم بأنهم محل شبهة الاصابة او تأكدت اصابتهم بفيروس كورونا، فعندما يتخلى الانسان عن مسؤولياته اتجاه الاخر انتظر كل شيء، لان الوباء لا يمس فقط فئة او شريحة معنية بل هو طاعون الكل معرض للإصابة بفيروس المستجد العالمي، والدرس من الصينيين الذين أعطوا العالم صورة مهمة في تضامن المجتمع الواحد لحماية افراده من العدوى.
الغريب ان ازدياد الوعي بأهمية النظافة وإتباع خطوات الوقاية لمنع انتشار العدوى تزامن مع حالة من الهجوم على المحال و المساحات الكبرى لاقتناء المواد الغذائية ، ما يجعل التفكير ان المواطنين فهموا تعليمات اتباع الاجراءات الاحترازية على انها تعليمات لتخزين المواد الغذائية، وهذا ما يلمس في مختلف المناطق.
كان الاجدر التفكير في طريقة الحماية والحصول على كمامة، و قفازات الحماية لا تلغي ضرورة امتلاك الاخر مثلها، لذلك كان لا بد من توزيعها مجانا حتى تعم الوقاية و حتى نمنع الاحتكار و بيعها كما تباع السلع في السوق الموازية، كان من الأولى توزيعها مجانا لتعميم الفائدة ولا بد من اخذ جميع الإحتياطات اللازمة لان تهاون شخص واحد قد يجر الجميع الى الهاوية، الوعي الرهان الاكبر لاحتواء الوضع و تجاوز ما هو أسوأ.