كل التجارب أثبتت أن حلول أي أزمة لا تكون ناجعة إلا إذا كانت نابعة من فواعلها الداخلية لا مفروضة من الخارج وأن منطق القوة لن يزيد إلا من تردّي الأوضاع وتفاقمها. وعليه، فإن أي حل يستثني الليبيين سيكون مصيره الفشل ولو بعد حين.
صحيح أن الجميع يعلم متى تندلع الحرب، أيّ حرب كانت، لكن لا أحد من هؤلاء (الجميع) يعلم متى تنتهي ولا كيف تنتهي؟، من كان يتوقع أن اجتياح السوفيات لأفغانستان كان من نتائجه تفكيك تلك الإمبراطورية ومن كان يتوقع أن الفيتنام كان سيتحول إلى جحيم للأمريكان، الذين من فرط صدمتهم وعقدتهم أنتحوا آلاف الأفلام السينمائية لعلاج شعبهم من وقع المخلفات النفسية لفظاعات تلك الحرب، من خلال صناعة أبطال عن تلك الحرب لا وجود لهم إلا في أفلام هولويود؟.
هل بعد كل ما سبق ذكره، يمكن لأحد أن يدّعي أن هناك قوة في العالم يمكنها أن تفرض حلاّ على الليبيين بالقوة حتى وإن كانت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، باعتبارها قوة عظمى؟ بكل تأكيد هذا غير ممكن، كما لا يمكن تصوّر أي حل للمعضلة الليبية دون انخراط الليبيين، كل الليبيين، في هذا المسار لنضمن استدامة ذلك الحل، ما عدا ذلك فهي مجرد مسكّنات ظرفية تزيد من الاحتقان والتعقيدات لا أكثر؟.
الجزائر كانت أول الداعين، في غمرة صدمة وحيرة أحداث «الربيع العربي»، إلى الحوار بين الليبيين وكانت سارعت إلى العمل والتنسيق مع الاتحاد الإفريقي للملمة الوضع في هذا البلد الشقيق والجار، غير أن طائرات الحلف الأطلسي استبقت حكماء القارة إلى القذافي وفرضت منطق الحرب لتتحوّل ليبيا، بسبب ذلك التدخل العسكري المتهور والمسبوق بالإصرار والترصد، إلى كرة لهب تنذر بحرق كل المنطقة - لا قدر الله- وأول المتضررين هي الجزائر ودول الجوار. لهذا، فإن هذه الدول هي الأكثر حرصا على استقرار ليبيا بل من مصلحتها الحيوية، على عكس دول أخرى بعيدة جغرافيا حشرت أنفها في الأزمة فزادت من تعقيدها وتعفنها خدمة لمصالحها وتصفية حساباتها، ولكن هؤلاء نسوا أن ليبيا لليبيين؟!