كلمة العدد

ترامب.. وسوء تقدير القوة

حمزة محصول
04 فيفري 2020

يعتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن خطّته لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، المسماة « صفقة القرن»، ستجد طريقها نحو التنفيذ آجلا أم عاجلا، وبرضا أو رفض الشعب الفلسطيني ومن ورائه الأمتان العربية والإسلامية.
وما منحه مهلة بأربعة سنوات للقيادة الفلسطينية، من أجل دراسة «الخطة ـ المؤامرة»، والموافقة عليها، إلا لثقة منه بقدرته على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لولاية ثانية تبدأ في نوفمبر من العام الجاري وتنتهي سنة 2024. أي أنه لن يغادر البيت الأبيض إلا وقد حقّق للكيان الصهيوني ما عجز عنه سابقوه من رعاة وأنصار الصهيونية العالمية.
فقد مضى قدما منذ وصوله إلى رئاسة أمريكا، في تنفيذ الوعود التاريخية للكيان المحتل، بدءا بالاعتراف بالقدس عاصمة له، ونقل سفارة بلاده إليها، ثم الاعتراف بسيادته على الجولان السورية، ويريد استكمال المشروع ببسط سيطرة «الدولة اليهودية»، على كامل فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس وصاحبة السلطة المطلقة على المقدسات الدينية.
إيمان ترامب بالنجاح في تأدية هذه الخدمات السخية للاحتلال الإسرائيلي، نابع من ولعه الشديد بـ «القوة».. فهو قبل كل شيء رجل أعمال يؤمن بأنه لا شيء يقاوم قوة المال، وكونه رجل سياسة ورئيس دولة بحجم الولايات المتحدة، يتبجّح بأن بلاده القوة الأولى في العالم ولا شيء يقف في طريقها.
وكونه حليفا وثيقا للاحتلال الإسرائيلي، لا يدخّر أي جهد لتعزيز تفوّقه العسكري والتكنولوجي ليمتلك القوة المطلقة في حربه ضد الفلسطينيين، وفوق هذا كله، لم يستطع الصمود أمام قوة اللوبي الصهيوني في أمريكا والذي يعتبر من أقوى داعميه بالمال والدعاية في الحملات الانتخابية.
من المؤسف، أن يظهر رئيس دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، في الاعلام العالمي «كخادم طيع» لكيان تعتبره كل المقرّرات الدولية  «محتلا غاشما»، لا لشيء سوى لأنه يؤمن بقوة الأمر الواقع القائم منذ عقود على الأراضي الفلسطينية، وقوة المال والسلاح.
وقد يضاف إلى ما سبق، القول بأن أمريكا وحليفتها الودود إسرائيل، تمتلكان القنبلة النووية وتستطيعان إبادة كل من يعترض طريقهما بكبسة زر، ولن تستطيع أمة ميتة مجابهتهما.
ومن الممكن القول، أيضا، إنه ليس هناك أقوى من «القوة» التي يحوزها ترامب وحلفاؤه من الصهاينة، إلا ما يعتقدونه أنه تفوّق معنوي هائل على القضية الفلسطينية وحلفائها، ومن شواهد ذلك إحراق المسجد الأقصى ولم يحدث شيء. كما لم يحدث شيء عندما اعترف بالقدس عاصمة للصهاينة ونقل سفارة بلاده إليها، ويقدرون أنه لن يحدث شيء إذا مضى في تنفيذ الخطة المؤامرة.
لكن الواقع الذي لا يريد أن يراه ترامب، هو أنه بصدد القيام بحماقة سوء استخدام وتقدير القوة، لأن كل هذا سيتكسّر على صخرة الحقيقة، والأقصى ومسجد قبّة الصخرة. والحقيقة هي أن فلسطين للفلسطينيين وأن قوة المقاومة التي تسكنهم لا تضاهيها أية قوة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024