مسؤولية الأمم المتحدة...

سعيد بن عياد
31 جانفي 2020

كيف سمح الرئيس ترامب لنفسه بتقديم هدية لحليفه الصهيوني نتانياهو، ضاربا كل قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، حتى أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر صرح للعلن أن في العملية خرق للقانون الدولي وبالتالي تعد صارخ على حقوق الشعب الفلسطيني، ومن ثمة فكل ما ترتب عنه باطل، في وقت تتوجه فيه الأنظار إلى اجتماع الجامعة العربية اليوم للنظر في هذا الطارئ الجديد الذي يضع المبادرة العربية جانبا، ويهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الملتهبة بما يبعد أمل تحقيق السلم إلى أجل لا يبدو قريبا.
مقاربة الرئيس الأمريكي غريبة تفتقر لمعايير الدبلوماسية التقليدية، التي لطالما بقي رؤساء أكبر قوة في العام ضمنها يناورون في إطار مقبول يتلاعبون بالتصريحات والمواقف، لكن لم يجرأ أحد منهم على تجاوز القانون الدولي بهذا الشكل العلني، فراح ترامب الذي تجاوز كل الأعراف وانسحب من معادلة التسوية السلمية لنزاع تاريخي يطلق العنان للأطماع الصهيونية مقدما لهم حقوق شعب لا تقبل التصرف على طبق من ذهب، لكن هيهات...
الموقف الذي يطعن به ترامب القانون الدولي وتسجل بلاده في هذا الملف رصيدا مهما كان انحيازها للكيان الصهيوني، اتخذه الرجل غريب التصرفات وهو محل مساءلة من مجلس الشيوخ بسبب تصرفاته وقراراته تعتبر في نظر الرأي العام الأمريكي وقوانينه تعديا وانتهاكا لقواعد العمل النزيه والشفاف، كونه يصنف في خانة ابتزاز الدول.
نفس الثقافة تطبع رؤيته للقضية الفلسطينية التي كشف منذ الوهلة الأولى عن تشبعه برفض حق الشعب الفلسطيني وانتهاجه مسارا معاديا بطرق ملتوية، من ضغط بقطع المعونات إلى ابتزاز بمساومات مرورا بتزكية سلسلة الاعتداءات العسكرية على العزل في غزة والضفة الغربية، وصولا إلى نزع القناع المغشوش ليتكشف الأمر على حقيقته بأنه مصطف قلبا وقالبا مع الطرف الإسرائيلي غير ملتف لتعهدات واشنطن عبر التزامات مختلف الرؤساء الأمريكان المتعاقبين على البيت الأبيض، وكان من بينهم من هو أشد عداء للقضية الجوهرية.
القضية الفلسطينية وبالذات مركز القدس الشريف، ملف أكبر بكثير من مجرد قضية في أجندة ترامب الذي وقع في المحظور وأساء لتاريخ بلاده وماضي أسلافه على ما كان فيهم من تحيز ومكر وخداع، لكن دون تجاوز الخط الأحمر بهذا الشكل الذي طعن مرة أخرى شعبا أعزل لطالما وضع ثقته في الشرعية الدولية وصدّق مختلف آليات رعاية السلام، ليواجه اليوم أمرا واقعا يتطلب من أبناء فلسطين وبالذات القيادات المنقسمة على نفسها التزام العودة إلى المصالحة وإعادة بناء مسار الكفاح الدبلوماسي والإعلامي تجاه الرأي العام في أمريكا خاصة وفي بلدان أخرى لها ثقلها في صنع القرار الولي لتأمين الحقوق المشروعة.
أكثر من هذا، التوجه بإلحاح وإصرار إلى الأمم المتحدة وكل منظماتها المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي لفضح المؤامرة التي لا يمكن أن تمر دون توقع هبة جديدة يفجرها الشعب الفلسطيني بانتفاضة سلمية عارمة تزلزل الأرض تحت أقدام دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي ولدت من رحم المنظمة الأممية غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي أي الأمم المتحدة مسؤولة بشكل مباشر عن ممارسات «مولودها» وجرائمه ومؤامراته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024