قرّرت السلطات العمومية اعتماد آليات جديدة في التكفّل بالحالات الوافدة على مصالح الاستعجالات بالمسشتفيات، وهذا عقب تقييم دقيق للاختلالات المسجّلة في المنظومة الصحية القاعدية التي ماتزال تعاني حقا من «أزمة هيكلية» و»تصدّع بنيوي»، نتائج ذهنيات جامدة ماتزال تعمل بمنطق «البايلك» أي كل ماهو تابع للدولة يترك لحاله ولا يجد من يحافظ عليه.
ويرفق هذا التوجّه المزمع الشروع فيه لاحقا وبناءً على المعاينة الميدانية والتقارير المفصّلة المرفوعة إلى الجهات المسؤولة بوضع شبكة أمنية شاملة لحماية الطواقم الطبية من الاعتداءات الجسدية التي يتعرضون لها في أوقات الذروة من قبل أفراد عائلات وأصحاب المرضى الذين يأتون معهم، محدثين فوضى عارمة في أروقة مصالح العلاج تصل أحيانا إلى اندلاع مناوشات وملاسنات حادة.
وفي هذا السياق، فإن الإجراء الأولي المتخذ هو الاستعانة بمؤسسات الحراسة الخاصة بصيغة استثنائية وما يقتضيه الواقع طبقا للتشريع المعمول به.
إعادة النظر أو مراجعة عمل الاستعجالات بالمراكز الاستشفائية حتمية لا مفرّ منها نظرا لما آلت إليه الأوضاع يعرفها العام والخاص ولا داعي للخوض فيها كوننا نجترّ خطابا سئمنا منه في الحديث عن السلبيات فقط، أو الاستماع إلى روايات لا تنتهي عما شهده فلان وعلان في عين المكان وفي الساعات المتأخرة من الليل.
حاليا هناك إرادة أخرى هي وليدة الظروف الجديدة تريد إحداث فعلا القطيعة النهائية مع الممارسات السابقة في كيفية إدارة النظام الاستعجالي العلاجي في الجزائر وإخضاعه من الآن فصاعدا لمقاربة مخالفة عن التي كانت سائدة في السابق تكون منطلقاتها أسس عمل واضحة وشفّافة بعيدة كل البعد عما يشتكي منه المواطن.. ليس في المدن الكبيرة قط وإنما في المناطق النائية.
لا ندعي هنا بأن الأمر يعد سهلا أو هيّنا كما يعتقده البعض، وإنما المهمة صعبة ومعقّدة لا لشيء سوى لأن التراكمات السابقة أصبحت لصيقة بهذا النشاط الصحي إلى درجة أن الاعتقاد السائد والذي تحوّل إلى قناعة مفاده أن الوضع يستحيل تغييره باتجاه الأحسن والأفضل.
في «محليات الشعب» نفتح في هذا العدد ملف أداء مصالح الاستعجالات في الجزائر العميقة رفقة شبكة مراسلينا الذين يوافوننا بالوضعية الراهنة، استنادا إلى انشغالات المرضى وكل من يقصد هذا المكان بالإضافة إلى الاجراءات المتخذة في هذا الاطار لتحسين الخدمات المقدمة من خلال العينات المطروحة على الرأي العام مع تعزيز ذلك بترتيبات أمنية لاحتواء ما يهدّد العاملين في هذا القاطع أثناء تأدية مهامهم من قبل أناس غرباء لا علاقة لهم بالمستشفى، سوى مصاحبة المريض إلى غاية قاعة العلاج وهو ما يرفضه الأطباء المناوبون مما يحدث رد فعل قوي من لدن هؤلاء، ولابد من إيجاد الأدوات الضرورية لوضع حدّ لهذه التجاوزات الخطيرة وهذا من خلال التعاقد مع إدارة المستشفيات وفق ما يتم إدراجه في دفتر الشروط بين الطرفين المعنيين بذلك بالرغم من التحفظات المشار إليها من طرف وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عندما استعملت مصطلحي «الإستثناء» و»الاقتضاء» عند اللجوء إلى هذه الصيغة.