لا يختلف اثنان أن التدخل العسكري الأطلسي في ليبيا أدخل البلد في حالة فوضى مستدامة واحتراب داخلي مستمر منذ 2011 ولكن مع مرور الوقت انتقلت الحالة الليبية من أزمة داخلية إلى معضلة متشّعبة لها امتدادات إقليمية ودولية مستعصية الحل وهذا بسبب تدخلات أطراف خارجية تعمل على تحقيق مصالحها في الداخل الليبي وتلك الأطراف هي أصبحت تتحكّم وتقود حروب وكالة بسواعد ليبية من أجل تحقيق أجندات ومصالح أجنبية لأن الشعب الليبي أصبح مغيّبا تماما عن المشهد ومصيره لم يعد مهّما؟
إن هذا التشخيص يعطينا وصفة علاج للمعضلة الليبية والبداية تكون برفع الأيدي عن الشعب الليبي والكف عن التدخل في شؤونه أو استعمال جزء منه ضد جزء آخر وإشعال نار التطاحن والتناحر بينهم للظفر بفريسة وهمية في حين أن الرهانات الحقيقية هي جيوطاقوية وجيواستراتيجية تتعلق بالسيطرة على مكامن الطاقة وتأمين خطوط وممرات نقلها ثم على إعادة اعمار بلد حطموه بسواعد ليبية - للأسف - من أجل الظفر بصفقة اعماره من جيوب الليبيين كذلك؟ إنه المنطق النيوليبرالي المتوحّش المختفي وراء المساحيق والشعارات الرنّانة التي أوقعت الشعوب المغلوبة على أمرها في الشراك فانخرطت في مسارات التدمير الذاتي دون شعور؟
لقد أثبتت الجزائر حنكة في الوساطة وتقريب وجهات النظر بين فرقاء مختلف النزاعات واتفاق الجزائر حول الأزمة في مالي ليس ببعيد عنا حيث استطاعت الجزائر أن تقود وساطة أثمرت بالتوقيع على اتفاق سلم ومصالحة وذلك لم يأت من فراغ ولكن بفضل السمعة الطيبة التي تحظى بها الجزائر لدى الشعب المالي بفضل مواقفها المتوازنة وعدم انحيازها لأي طرف على حساب آخر وهي نفس المنطق الذي تعاطت به الجزائر ولا تزال مع أزمة الأشقاء في ليبيا حيث انه ومنذ البداية كانت الجزائر قد دعت إلى تغليب الحكمة وتشجيع الليبيين على الاستماع إلى بعضهم البعض دون أي تدخل من أي كان وههي الجزائر تجدد دعوتها على لسان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون لاحتضان حوار ليبي – ليبي دون إقصاء أو تدخل تكون فيه الكلمة الأولى والأخيرة للأشقاء الليبيين الذين سيجدون كل الترحيب من الشعب الجزائري.