تؤسس اللقاءات الدورية التي تستهل اليوم بين رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وممثلي وسائل الإعلام الوطنية لتقليد جديد يسمح لهذه الأخيرة المساهمة في مسار بناء الجزائر من خلال تقديم تصورات ورؤى على اعتبار أن الإعلام فاعل لا يمكن لا إغفاله ولا تجاوزه في خضم المشاورات التي باشرها الرئيس تبون والمتعلقة أساسا بالوضع العام في البلاد والتعديلات الدستورية لإرساء نظام حكامة جديد يقوم أساسا على التشاركية سياسيا والعدالة التوزيعية اجتماعيا واقتصاديا.
إن هذه الخطوة التي بادر بها رئيس الجمهورية اتجاه الإعلام الوطني جاءت بالتزامن وظهور بوادر ايجابية على بداية التأسيس لإعلام مؤسساتي ينهي زمن المضاربة الإعلامية والمنافسة غير الشريفة من أجل الوصول إلى المعلومة التي ستظل الهم الأكبر لأي صحفي والأهم من ذلك السبق الصحفي الذي يعتبر أهم قلادة شرف يعلقها الصحفي على صدره، بشرط أن يكون ذلك في جو من المنافسة الشريفة والفرص المتكافئة خاصة بعد عودة المعلومة إلى المرور عبر قنواتها المعروفة والمعلنة حتى لا تتحول وسائل أخرى إلى ناطق رسمي باسم المؤسسات العليا للدولة بينما تجد وكالة الأنباء الرسمية أو المؤسسات الإعلامية العمومية الأخرى نفسها تغرّد خارج السرب؟.
إننا في زمن لا يمكن أن نغفل فيه عن تقوية الإعلام الوطني لأن الحروب الحقيقية أصبحت تحسم في بلاطوهات القنوات، المواقع الإلكترونية والشبكات وبينما حقّقت دول قفزات عملاقة وأصبحت تصنع المشهد الإعلامي الإقليمي والعالمي مازال إعلامنا الوطني – للأسف- غير قادر حتى على التأثير داخليا؟.
قد يجهل الكثيرون أن الحلف الأطلسي يملك أذرعا إعلامية تسمى بـ"médias de la zone OTAN" هي التي تحضر وترافق وتضفي الشرعية على كل العمليات العسكرية للحلف ومن منا لا يتذكر ذلك المواطن الليبي سنة 2011 حين كان يصرخ أمام الكاميرات "وين الناتو"؟ مقطع تداولته بغزارة وسائل إعلام الحلف الأطلسي خاصة العربية منها وتلك الناطقة بها لإيهام الرأي العالم العربي والعالمي بأن الشعب الليبي يواجه خطر إبادة ولا بد من التدخل لنجدته قبل فوات الأوان؟! وهي الخدعة التي انطلت على كثيرين، هللوا وهتفوا للتدخل العسكري للناتو الذي نقل ليبيا من حالة الأزمة قابلة للحل إلى معضلة مستعصية ومزمنة ؟!