نسبة البطالة المعلنة من طرف الديوان الوطني للاحصائيات المقدّرة بـ 11،4 ٪ يمكن إدراجها في خانة الاستقرار إذا ما قارنها بمنحنياتها خلال عيّنة من السّنوات الفائتة، في حين أنّ حجمها بلغ في بدايات الألفين إلى 28 ٪، وشتان بين الأمس واليوم.
هذا لا يعني أنّ السّلطات العمومية راضية بهذا الواقع، لكن بقراءة متأنّية للأرقام يستشف بأنّ هناك فرصا متاحة اقتصاديا في الجزائر لتجاوز هذا «الحاجز» كون العدد يقارب المليون والنصف من العاطلين عن العمل، 27،8 ٪ منهم من حاملي الشّهادات الجامعية. نذكر هذا من باب أنّ هذه النّسبة عالية، غير أنّ النّظر إلى البطالة كمفهوم غير مجزّإ كل الفئات المنضوية تحت هذا العنوان معنية بتوفير منصب شغل لها.
وفي هذا السياق، سنحاول تناول هذا الإشكال رفقة مراسلينا في الولايات من خلال نماذج لوكالات التّشغيل التي تتكفّل بمتابعة هذا الملف، على ضوء ما تتلقّاه من عروض العمل والقطاعات المنتجة أو الخدماتية النّاشطة في هذا المجال.
دون أن ننسى في هذا السياق، بأنّ هذه الهياكل بصدد مرافقة إداريا أصحاب عقود ما قبل التّشغيل قصد إدماجهم رسميا في المسار الوظيفي بشكل نهائي، وهذا ما يجري حاليا، والذي يصل إلى أكثر من 400 ألف معني، واستنادا إلى الأصداء الواردة من هنا وهناك، فإنّ العملية تسير على أحسن ما يرام ووفق ما تمّ الإتفاق عليه، أي احترام المراحل 4 المحدّدة سلفا.
وكل حديث معمّق حول مصطلح البطالة، يتطلّب العودة إلى الدورة الاقتصادية السّائدة، ومدى قدرتها على خلق الثروة والقيمة المضافة، وهذا ما يعرف بالجدوى أو الفعالية في الأداء، والحلقة الأكثر حضورا هنا هو فرص الاستثمار المتاحة في كل هذا الفضاء، وإعادة بعث الاستثمار بعقلانية، وانطلاقا من القواعد المتعامل بها يؤدي حتما إلى توفير مناصب الشغل قد تكون دائمة أو مؤقتة، وليس هناك خيار آخر في النّشاط الاقتصادي ما عدا هذا التوجه الذي يستدعي إحياءه في أقرب الآجال، من خلال تقييم ما أنجز إلى غاية يومنا هذا بهدوء كامل من كل النّواحي التّنظيمية والتّشريعية.
ففي غياب هذا العنصر الحيوي لا نستغرب من تزايد معدّل البطالة كون ليس هناك من يمتص اليد العاملة المعطّلة، بحكم تشبّع سوق العمل وبلوغه مرحلة الانسداد والانغلاق على الذّات ممّا يؤدّي إلى المراوحة والدوران في الحلقة المفرغة، أي لا نخرج من الرّقمين والأجدر أن نقلص ذلك إلى رقم واحد، وهذا بفضل سياسة عمومية جديدة في هذا الإطار تكون البديل العملي لما أنجز في السّابق.
وعليه، فإنّ ما نستعرضه رفقة مراسلينا هو عبارة عن عيّنات من الأرقام المتعلّقة بعروض العمل خلال آجال معيّنة في الولايات لدى وكالات التّشغيل الجهوية، التي تعد ممرّا إجباريا ووسيطا ضامنا لطالبي المناصب، تترجم المسعى القائم على التكفل بتلك الفئات المرشّحة لتلك الوظائف حسب التّخصّصات من حاملي الشّهادات الجامعية إلى أصحاب التّكوين المهني وغيرهم.
لذلك، فإنّ ملف التّشغيل يحتاج فعلا إلى مقاربة جديدة في مساره الحالي، خاصة مع إرادة السّلطات العمومية في إيلاء مزيد من العناية الفائقة لطالبي العمل بعد تحريك الآلة الاقتصادية.