بغض النّظر عن الفلكلور والأغاني والرّقصات والأطباق الشّعبية والألبسة التقليدية، وتنوّع تفاصيل «عجوز ينّاير» من جهة إلى أخرى، كان الفرح والاعتزاز بالهوية الجزائرية الأمازيغية قاسمين مشتركين، وحّدا قرابة أسبوع كامل الشعب الجزائري حول حدث ثقافي رمز، وعيد وطني جاء ترسيمه لتعزيز و تقوية رموز الجزائر وضوابطها الوطنية.
إنّه «يناير» الذي كان بالأمس مناسبة لصلة الرحم، ولمّ الشمل والتضامن العائلات مع الآخر من خلال تقديم ما جادت به الأرض من فواكه وخضر، وما لذّ من أطعمة تقليدية شعبية، قد جعل منه هذه السنة الشعب الجزائري، فرصة لإبراز تنوّعه الثقافي وإرثه الحضاري للعالم أجمع وبكل فخر واعتزاز، مفنّدا ما يحاول أعداء الوحدة الوطنية ترويجه من أكاذيب، وغرسه من فتن للتفرقة والتشتت.
إنّ تكاتف الجزائري مع أخيه في السراء والضراء وحبه الكبير للفرح والاحتفال، هي مؤشّرات يمكن استغلالها لوضع خارطة طريق للحفاظ أكثر على الموروث الثقافي وعاداتنا، والسهر على تدوينها والحفاظ عليها للأجيال القادمة، دراستها من الجانب التاريخي والاجتماعي والثقافي، ولم لا إدراجها ضمن مشاريع سياحية اقتصادية تخدم التنمية الوطنية؟
إنّه التّنوّع الثّقافي الذي يعزّز الوحدة الوطنية، والذي يستلزم تصنيفه كموروث للحضارة الإنسانية وإدراجه على أسس صحيحة بعيدا عن كل محاولة الهدم والإقصاء، فيناير عيد الجميع والأمازيغية جزء لا يتجزّأ من الهويّة الجزائرية وعاداتنا وتقاليدنا، مكسب حضاري حافظ عليه الأجداد شفاهيا، فكيف نفرّط فيه اليوم ونحن نحتكم على أدوات العصرنة والتطور التكنولوجي والعلمي؟.