تعيش ليبيا ومنطقة السّاحل تطورات خطيرة تنذر بانفجار وشيك قد يلهب الاقليم كلّه و يحوّله الى بؤرة توتّر يضيع فيها الأمن و الاستقرار و تتحوّل حياة أفرادها الى كابوس مفزع مفتوح على كلّ المآسي .
المشهد في ليبيا بات مرعبا، حيث نشهد الإخوة الفرقاء هناك يساقون إلى حرب بالوكالة يخوضونها نيابة عن مجموعة من الدول نراها تؤجّج هذا الطرف وذاك و تدعمه بالسّلاح و المقاتلين الذين تفضّل أن لا يكونوا من رعاياها، بل من المرتزقة الارهابيين الذين تتكدّس بهم منطقة الساحل وجنوب الصّحراء.
إنّ زبانية الحرب الذين يلهبون النّار في ليبيا، يفعلون ذلك جهرا ودون حجب وجوههم، والذين قبلوا أن يكونوا حطبا لهذه الحرب، هم للأسف الشديد أحفاد شيخ الشهداء عمر المختار الذين وقعوا في شرَك هذه الدولة والأخرى تماما كما وقع أبناء سوريا قبلهم حيث نسفت التدخلات الخارجية وحدتهم وحوّلتهم الى مجموعات و فرق تسفك دماء بعضها البعض لتصل في النهاية الى صنع واحدة من أكثر الحروب الاهلية ترويعا.
الأزمة اللّيبية التي خلقها التدخّل الخارجي قبل نحو عشر سنوات، ماضية بفعل نفس المتدخلين لتتحوّل الى حرب أهلية تأتي على الأخضر واليابس، والتّدويل الذي يروّج له الفرقاء هناك، نهايته ستكون بكل تأكيد كارثية، ليس فقط على ليبيا بل على الجوار والإقليم، هذا الأخير الذي بات هو الآخر بمثابة البركان الذي بدأت حممه تتطاير هنا وهناك مخلّفة جرائم مروّعة يوقّعها الارهابيون الذين ارتكبوا في الاشهر الأخيرة سلسلة هجومات دمويّة خلّفت عددا كبيرا من الضحايا المدنيين و العسكريين و طالت كلّ دول الساحل تقريبا، آخرها الهجوم على قاعدة عسكرية بالنيجر و مصرع أزيد من 70 عسكريا.
لقد انعكس تدهور الوضع الأمني في ليبيا سلبا على منطقة الساحل و جنوب الصحراء ، و أدّى إلى تعاظم الخطر الإرهابي الذي كان قائما بالأساس بعدما باتت المجموعات الدموية أكثر تسليحا وتدريبا من جيوش المنطقة، كونها تعزّزت بإرهابيي «داعش» الذين فرّوا من سوريا والعراق، واستفادت من مخازن الأسلحة اللّيبية التي نهبت بعد الاطاحة بالنظام السابق.
أمام تزايد المدّ الإرهابي والعجز عن مواجهته، بدأت قيادات دول المنطقة تطالب بالتدخل الخارجي، وتسعى لحشد تحالف دولي لهزم هذا الكابوس، خاصة و أن الجميع أصبح ينظر الى عملية «برخان» الفرنسية بعين الريبة، العجز والرّفض.
لكن إذا كانت دول منطقة الساحل ومن منطلق المغلوب على أمره تجد نفسها مرغمة على الاستنجاد بالخارج لمواجهة هذا الوحش الكاسر، فإن السؤال المطروح هو «هل فعلا التدويل والحشد لتحالف دولي عسكري سيحل المشكلة الامنية التي تتخبّط فيها، خاصّة و أنّنا شهدنا تجارب مريرة لمثل هذا الحّل في أفغانستان و العراق وسوريا ؟.