كيف للممثل، المخرج أو الكاتب المسرحي أن يدخل إلى عالم الطفل و يجذب اهتمامه لعمله المسرحي، و أن يقدر على أن يمرر له الرسالة وأن يلهمه ليتفاعل معه طيلة العرض. تحدي كبير قليل من ينجح في رفعه، كونه يستلزم بذل مجهود أكبر في فهم الناشئة و التعرف على اهتماماتها و انشغالاتها و النجاح في رؤية الحياة من منظورها.
إن التعامل مع الجمهورالصغير هو كالمشي على الحبل الرفيع ، يحتاج صاحبه إلى الدقة و الاتزان في اختيار الكلمة والحركة و الديكور و اللباس و حتى المؤثرات الصوتية، ناهيك عن مواضيع الأعمال نفسها و التي لا بد أن تكون لصيقة بواقع الطفل، و بلغة يفقهها و يرتاح عند سماعها . فالعرض المسرحي يحتاج أن يحمل بين فصوله المتعة و الجدية، الترفيه و الحكمة الطيبة، و ان يدفع بالمشاهد الصغير إلى الدخول بمخيلته في الأحداث و التفاعل و ربما أيضا المشاركة.
فصانع أي عمل يقدم في مسرح الطفل، لا بد له أن يحمل بداخله ذلك الطفل الذي يشكل ورقة عبوره إلى عالم الناشئة، و يقربه من أفكارهم و تطلعاتهم، ويكشف له سر استقطاب العفوية منهم ، لكي يقدر على محاكاتهم و تعليمهم و التعلم منهم.
و من أراد أن يخوض مغامرة مسرح الأطفال عليه أن يجد الوسيلة لإطلاق العنان للطفل بداخله، وأن لا يكتفي بكتابة أو إنتاج أو تقديم أعمال يعتمد فيها على التهريج و الألوان الصاخبة والرسائل الديماغوجية أو استعمال لغة تفتقد للتهذيب أو لمفردات و معاني تدعوا للعنف أو الرداءة ، فعكس المسرح الموجه للكبار، فمسرح الطفل تربية و توعية و تعليم أكثر منه فرجة و متعة و ترفيه، ليبقى التحدي الأكبر هو كيف يمكن أن يكسب العمل المسرحي الانتباه، فالاهتمام ، فالتفاعل عند الناشئة و بالتالي يستطيع أن يترك الأثر الطيب فيهم و يحببهم في عالم الفن الرابع .