أثبت المنتوج الجزائري قدرته على بلوغ سقف أعلى من الجودة، وتحقيق تموقع لافت في الأسواق الداخلية والخارجية، وبإمكانه في نفس الوقت رفع تحدي الاستمرارية في التمويل، لكن لبناء أرضية التنوع الاقتصادي ذا التنافسية العالية، يجب في البداية الارتكاز على ثلاثة محاور رئيسية، تكون منها الانطلاقة الصحيحة، لوضع المنظومة الاقتصادية في مكانة رائدة، فلا حلول من دون منح الأولوية لتطهير مناخ الأعمال واستعادة جاذبيته المفترضة، ويقابله بشكل مواز تسوية مشكل العقار نهائيا واسترجاع العقار غير مستغل من دون تردد، وينبغي أن تبذل كل الجهود اللازمة لاختفاء بيروقراطية التمويل التي تقتل المشاريع الواعدة وتمنع رؤيتها للنور، وإلى جانب فرض مستوى عال من شفافية العروض والصفقات.
وفي المحور الثاني لا يخفى أن الجزائر في حاجة ماسة إلى إطلاق تصور جديد للشراكة، التي تكون بين صاحب المشروع أو صاحب العقار وصاحب المال، حيث لا يقتصر تجسيد هذه الشراكة بتمويل عمومي بحت، وإنما الظرف يتطلب العمل على إيجاد بدائل تمويلية، من خلال التمويل الخاص حول مشاريع إنتاجية واضحة ودقيقة الأهداف وممكنة التجسيد على أرض الواقع، لأن التمويل من المفاتيح التي تعجل في توسيع النسيج المؤسساتي واستحداث مناصب الشغل، وخلق الثروة والرفع من القيمة المضافة.
يتضمن المحور الثالث ترشيد النفقات وتعميق ذلك دون المساس بتوازن السوق، في ظل ضرورة التحكم في الاستيراد بمعايير اقتصادية، ولعل هذا يندرج ضمن دور الجمارك، لأن المشكل حاليا لا يقتصر في كون النظام الضريبي، يتسبب في الكثير من الأحيان في العرقلة بل حتى النظام الجمركي الجزائري، يحتاج إلى إصلاحات تنبع من الواقع، ومن المفروض أننا في الظرف الراهن قد تجاوزنا مرحلة الشرطي الجمركي، وينبغي الانتقال إلى الجمركي الاقتصادي، الذي لديه خلفية اقتصادية عن السوق الوطنية، أي يكون على دراية شاملة.. ما هي جوانب الضعف وجوانب القوة؟.. وماذا تحتاج المؤسسة؟ وفوق ذلك ينتظر منه اقتراح البدائل الممكنة.
إذا إنها محاور استعجالية في انتظار بعد ستة أشهر أن تتضح رؤية شاملة مبنية على معطيات وبيانات، تؤسس لنموذج اقتصادي حقيقي وليس نموذج اقتصادي وهمي، أظهر الوقت أنه بعيد عن الواقع، بل كان ستارا يخفي التلاعب بالمال العام ويغطي على الاختلاسات ونهب المال العام والدليل مانراه اليوم في المحاكم.