حوار... بدون شروط مسبقة

جمال أوكيلي
18 ديسمبر 2019

تبقى الانتخابات الرئاسية الأخيرة راسخة في حوليات التاريخ السياسي في الجزائر، انطلاقا من مسارها الاستثنائي وتكالب قوى الشر الخارجية لنسفها يوم 12 ديسمبر بالتعاون والتنسيق مع بعض «الدمى» الذين عملوا المستحيل من أجل إبقاء نسبة المشاركة في سقف معين تسقط في فرضية الإلغاء أو الإعادة لندخل في النفق المظلم ـ لا قدر الله ـ وهكذا نضيّع الموعد الثالث.
هذا «السنياريو المحبك» والمعد بإحكام، فشل فشلا ذريعا وسقط في الماء سقوطا حرا. واستنفر هؤلاء بديلا آخر ألا وهو الرهان على»الكم»، بدءاً من الإعلان أن نسبة المشاركة وصلت الى 33,6٪ وهم على دراية وقناعة كاملتين بأن الرقم في تصاعد... هنا جنّ جنونهم ورافقتهم في ذلك «فرانس 24» عندما استعملت مصطلح الاحتجاجات في الجزائر وكلمة المسيرات في نقاط أخرى من العالم العربي.
كما سارعت بعض الأبواق إلى الحديث عن مفهوم الشرعية وكأنها عبارة عن جائزة يوزعها هؤلاء على من أرادوا دون المرور عبر الصندوق. ونصب محترفو السياسة ودعاة الفتنة وأشباه الأساتذة أنفسهم أوصياء على المشهد الانتخابي، بتناول ما سموه بـ»الشرعية المنقوصة» متناسين أن الذين لم يدلوا بأصواتهم أقصوا أنفسهم بأنفسهم وهم أحرار في قرارهم، لكن عليهم إحترام الرأي الآخر ولا يفرضوا وجهة نظرهم على الشعب الجزائري.
والمعاينة الأولية هنا، هو أن الدعوة للحوار أخافت الكثير وزرعت الرعب في قلوبهم، خوفا من الحل «جزائري ـ جزائري»، بعيدا عن الإملاءات الخارجية، التي تريد التفريق بين أبناء الشعب الواحد. وهذا عندما يناورون بعبارة «التحاور مع الحراك». من مازال متشددا إزاء الحوار هم أولئك أصحاب اللاّحل من أحزاب معروفة بتطرفها ونقابات وجمعيات موالية لها كل يومي ثلاثاء وجمعة، تُسدى لها تعليمات حول كيفية قيادة الحراك مع شعارات جديدة اعتادوا عليها منذ 22 فيفري وهي تتغير.
وبالتأكيد، فإن مسعى الحوار ليس سهلا وهذا من باب الالتزامات في حال حدوثه، غير أنه ضرورة حتمية لا مفر منها في السياق الراهن، بعد أن بادر به رئيس الجمهورية من أجل الجزائر والجزائر لا غير. ومضمون هذه الورشة لا تعني طرح على بساط البحث القضايا المفصول فيها من الثوابت الوطنية وغيرها أو ولوج متاهات قد تفسد مسار هذا العمل نحو آفاق غير محبذة، مثلما يريدها البعض، بإعادتنا إلى تلك الراديكالية في فرض أشياء ثبت أنها مخالفة للواقع، كونها أساءت إلى رموز الوطن وألحقت الضرر بمؤسسات الدولة الجزائرية، كما أنها لم تساعد السلطات العمومية على السعي من أجل الخروج من الانسداد الذي أوقعوه فيها البعض من الحراك.
إن وضعنا هذا جانبا، فإن الحس الوطني العالي يحتم على الجزائر أن تجنح الى الحلول التي تراها مسايرة لانشغالاتها الوطنية الملحة والواقعية الصادرة عن الانتخابات الرئاسية التي أقرها الشعب الجزائري حتى ندعم الإستمرارية في المنهجية السياسية المنبثقة عن هذا الموعد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024