يقع على الإعلام بمختلف أنواعه وتوجهاته دور كبير في مرافقة مسار التحول الديمقراطي ليكون شريكا في البناء وفقا لمعايير الشفافية والخدمة العمومية.
ليس هناك ما هو أسهل من تبني خطاب سلبي يرتكز على رفض كل شيء وتسويق لليأس والإحباط في مجتمع يتطلع إلى مواجهة تحديات مصيرية لا تتحمل تشرذم صفوف المجتمع أو تردد القوى الحية فيه أمام التداعيات التي تنجر عن رسم مشهد لا يلوح فيه أمل.
حقيقة كانت التركة التي خلفتها العصابة ثقيلة ومرهقة ولا يمكن اختزالها في مجرد انحرافات أو رداءة أداء في إدارة الشأن العام وتسيير مرافق الدولة، وكم كانت مذهلة تلك النتائج التي كشفت عنها قرارات القيادة العليا بإزاحة الستار عن مؤامرة خبيثة كانت تستهدف مصير أجيال بكاملها.
واستنادا لما صرح به وزير العدل زغماتي فإن انطلاق إجراء محاكمة أفراد العصابة في أول ملف يفتح في جلسات محاكمة علنية فإن الرأي العام سوف يصاب بالذهول أمام هول الفساد وحجم تغلغله في دواليب المنظومة الإدارية والاقتصادية وحتى السياسية.
بلا شك أن التوجه إلى كشف الحقائق بتفاصيلها سوف يضع المواطنين في ضوء ما كان يتعرض له من خلال فساد ممنهج فاق كل تصور بحيث بلغ حجما وضع
المن الوطني للبلاد على حافة الخطر في ظل تهديدات إقليمية ودولية لا ينبغي لعاقل أن يتجاهلها.
لذلك فان الحراك كما انطلق في نسخته الأصلية مطالبا بالتغيير العميق والشامل وفي إطار سليم وواضح حتى لا يتسلل الأذناب مستفيدين من حالة فوضى أو غياب للهدوء، ينبغي أن يكون في منأى عن تلاعبات البعض وانتهازية البعض الآخر ممن تبين أن التغيير السلمي والهادئ يزعجهم ويشكل تهديدا لمصالحهم الضيقة سواء حزبية ومالية أو نفوذ لم يعد ممكنا أن يستمر في جزائر تتطلع للارتقاء إلى مصف البلدان المتقدمة.
كم كان المواطن يتحسر ويستغيث من منظومة حكم أحكمت قبضتها على قوت يومه وهددته في مستقبله الذي رسمته الثورة التحريرية المجيدة بوضع الإنسان في قلب التغيير الذي أنجزته ثورة أول نوفمبر من خلال جيش وجبهة التحرير الأصيلة التي كان أبناؤها في الصف الأول لمقارعة الاحتلال إلى أن تم اقتلاعه من تربة ارض المليون ونصف المليون شهيد.
وليس غريبا أبدا أن تكون أرواح أولئك الأبطال الذين وهبوا ارواحهم فداء الجزائر وتخليص شعبها من قيود الاستعمار أن تحوم اليوم لتضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية كون الموعد القادم سوف يشكل خطا فاصلا بين من ينتمي للجزائر ومن ينتمي للعصابة التي استباحت كل شيء بلا ضمير جاعلة بلدا مثل الجزائر عرضة للعبث رغم كل ما حباها الله من ثروات وخيرات تحسد عليها.
للأسف في الوقت الذي يتم العمل على لملمة الأمور وإعادة بناء النسيج الوطني على أسس صلبة وسليمة لا مجال فيها لتلكم الممارسات الدنيئة التي حصلت في الماضي وغالبا تحت غطاء خطابات مخادعة، تركت نتائج سلبية على معيشة المواطنين إلى درجة أن الشباب فضل الهجرة بكل الوسائل حتى تلك التي تعرضه للموت مثل «الحرقة»، يتسابق «أقزام» يحملون جينات الخيانة للبكاء على أسوار البرلمان الأوروبي طمعا في فتات «أسيادهم» ولو كان ذلك بتعريض المصلحة الوطنية للخطر.
ليس جديدا التأكيد مرة أخرى على أن الأوساط التي تتحرك في كواليس البرلمان الأوروبي لها ارتباط بدوائر الاستعمار الجديد والامتدادات الصهيونية له عبر العالم والتي يحملها اليوم أحفاد الاستدمار الفرنسي الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة وفرص للانتقام من شعب أكد جيلا بعد جيل انه لا يقبل أبدا أي وصاية مهما كانت شعاراتها البراقة والمخادعة، وهو حريص بشدة على استقلالية قراره مهما كانت الاختلافات بين أبناء الوطن الواحد.
ومهاما كانت المبررات فان قطار الانتقال الدستوري إلى بر الأمان للتوجه في ظل انتخاب رئيس شرعي قطع المسافة ليصل في أيام إلى المحطة والحاسمة حيث يمارس الشعب الجزائري بما في ذلك المعارضة الحق في التعبير السياسي بحرية ودون إكراه.