تأتي المصادقة على قانون المحروقات من طرف المجلس الشعبي الوطني، في انتظار عرضه على مجلس الأمة، لتفتح هذا القطاع الاستراتيجي والحيوي نحو آفاق طاقوية جديدة واعدة، لكن تبقى النصوص التشريعية وحدها غير كافية، في ظل ظرف وطني وعالمي غير مستقر بفعل مواجهة مستجدات وتغيرات سريعة بريتم تحولات المنظومة النفطية التقليدية الجاري، وكذا تأثيرات العولمة بشقيها المباشر وغير المباشر.
في البداية ينبغي تسليط الاهتمام بتحديد صورة منهجية تطبيق هذا القانون الجديد، على ضوء قراءة استشرافية دقيقة لآفاق سوق المحروقات، وعلى خلفية أن العملية في الحقيقة لا ترتبط فقط بالقانون، وإنما يحتاج هذا النص التشريعي إلى آليات مالية ومناجيريالية تسمح لمجمع سوناطراك باستعادة تموقعها وريادتها في السوق، لأنه يعوّل كثيرا على القانون الجديد في تحريرها من الأعباء التي كانت تتحملها من دون وجه حق، من منطلق أن سونطراك تعد مصدر تمويل الاقتصاد الوطني والخزان الذي يغطي مختلف النفقات من واردات ومشاريع عمومية ضخمة.
إذا لا تملك سونطراك اليوم الكثير من الخيارات، وبات تحولها إلى متعامل اقتصادي مثل بقية المتعاملين حتميا، على خلفية حيازتها لمختلف الآليات وعديد الميكانيزمات، التي تسمح لها باقتحام مختلف أنواع الشراكات، سواء تعلق الأمر بتقاسم الإنتاج أو تقاسم الأعباء في التنقيب، غير أن التحدي الجوهري الذي يوجد في الواجهة، يتمثل في أهمية تبسيط المفاهيم وشرح الأبعاد القانونية، ومن ثم الإسراع في إطلاق المراسيم التنفيذية لهذا القانون، على اعتبار أن نتائج القانون كما يراها الخبراء،لن تظهر قبل خمس أو 10 سنوات كأقصى تقدير، حتى تكون المرافقة في تطبيق القانون بنفس سرعة الاستعجال، ولأن المراسيم التنفيذية تحتاج إلى أزيد من سنة حتى ترى النور، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن سوناطراك الرائد النفطي الإفريقي يوجد في منعرج مصيري، أي إما القفز نحو الانتعاش وتحقيق الأهداف الكبرى والحفاظ على مكانته كمتعامل كبير، لأن الطلب على النفط آيل مستقبلا للتراجع في ظل التحول الطاقوي الجاري، حيث نجد كبار المستهلكين في العالم، يعكفون حاليا على تحضير البدائل الطاقوية للتحرر نهائيا من المحروقات التقليدية، وسونطراك ينبغي لها أن تضع في الحسبان هذا التحول الجديد.
تحتاج سونطراك لتبوأ موقع أفضل إلى تعميق وترشيد سياستها المناجيريالية لإدارة النفقات والإمكانيات وكذا الوسائل الإنتاجية خاصة العنصر البشري من خلال الدفع بالكفاءات نحو الأمام حتى وإن كانت شابة، ومن ثم إقحامها في هذه التحديات حتى نضمن الديمومة والفعالية الإنتاجية المطلوبة بفضل التحول السريع وعدم تفويت الفرصة.