لا يجب كسر الدينامكية الحالية في ظلّ مع ما يتسمّ به الظرف الراهن من خصوصية إيجابية، على خلفية أنه يتجّه بشكل تدريجي نحو الانفراج، ولأن القاسم المشترك يتمثل في الحلقة الاقتصادية، لارتباطها بتأمين التنمية وإنجاز أهداف النمو، خاصة ما يتعلّق بالتنمية البشرية والنهوض المتاح في مختلف القطاعات. لذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن الجزائر بثقلها ليست ساحة قاحلة بل لديها مقومات رهيبة، فقط يتطلّب معرفة كيف يمكن إدماج مختلف القطاعات ووضعها في سكّة التطوّر ضمن رؤية تكون واضحة محدّدة الأهداف وخاضعة دوريا للتقييم حتى يترسّخ بشكل واضح مسار النمو وينعكس ذلك على استحداث القيمة المضافة و مناصب الشغل والرفع من الصادرات والتخطيط للتموقع في أسواق خارجية بشكل مستمر من دون انقطاع.
إذا لازالت تتوفر فرصة ثانية للنهوض بالمقومات من خلال تسخير مختلف الإمكانيات على تنوّعها، حيث يمكن تسليط الضوء على نقاط القوة، والتركيز على الإخفاقات لتشريح عوامل تسجيلها، بهدف تفادي تكرار التجارب والسياسات التي لا تفضي إلى النجاعة، والتي لم تصل إلى رفع مستوى المردودية وتطوير الإنتاج، ومختلف الاقتصاديات الناشئة انطلقت ونجحت بسبب اختيارها للمسار الصحيح وتبنيها للخيارات الاقتصادية ذات الجدوى، ولعلّ من أسرار الإقلاع الاقتصادي تجاوز الفساد، وتكريس ثقافة مكافحته من خلال مختلف الآليات سواء كانت تشريعية أو إدارية أو سلوكية، يندمج فيها المواطن وعون الإدارة والإطار والمسير، سواء كانوا في القطاع العام أو الخاص. وفي الوقت الحالي مختلف المقومات تبعث على التفاؤل رغم تسجيل بعض المؤشرات السلبية تعود للفترة السابقة، التي عكّرت صفو مناخ الأعمال وجعلت الفعل الاستثماري محاصر بالبيروقراطية، إلى جانب الإدراك بضرورة تصحيح النظرة الاقتصادية والتوجّه الجديد، الذي بعث من جديد الأمل خاصة تلك الإجراءات المحفزة التي حملها مشروع قانون المالية، نذكر من بينها تشجيع الشباب الحامل لمشاريع «ستارتاب» ومراجعة القاعدة الاستثمارية 49 -51، بالإضافة إلى الإرادة القوية في محاربة الفساد، ولعلّ التركيز من أجل الرفع من سقف القيمة المضافة وتجديد فعالية آليات المنظومة الاقتصادية، من خلال إعادة الاعتبار لقيم العمل وتثمين الجهود ولعلّ اهتمام عالم المؤسسة بالابتكار في سياستها الإنتاجية، يعدّ الحلقة التي تضع قطار التنمية في مساره الصحيح وتقوي أداء النسيج الاقتصادي، لذا نحن أمام فرصة جديدة لبعث الإمكانيات وتثمين القدرات والسير بثقة من أجل بناء ملامح نهضة اقتصادية جديدة، يشارك فيها الجميع من دون استثناء في ظلّ شفافية المحيط ونزاهة المسيرين واجتهاد العمال وجاذبية الترسانة التشريعية.