لو قدر الله، وانتقل فيروس الوعي من طلبة تونس الى طلبتنا؛ وتم الاتفاق على رؤية واحدة يكون فيها هذا الوعي قاسما مشتركا ،هل نستطيع انتخاب «قيس سعيد بيس» بالمواصفات نفسها اوادنى منها؟ مع الاخذ بعامل التفاوت في الديمقراطية التشاركية بين البلدين، ام ان الامر هنا يبدو بعيدا عن هذه التخمينات لان مستويات الفهم والخوض في مثل هذه القضايا لا يخضع لنفس الطرح.
الطلبة بتونس اختاروا أستاذا جامعيا، وصنعوا منه القاضي الاول في البلاد خلال اسابيع قليلة استوى فيها حراكهم الشعبي على الجودي ، وبلغ غايته ومراده ،بالرغم ان المنافس الثاني يبدو شرسا، وراءه «أرمادة» اعلامية تروج وتمهد له طريق الفلاح في رمشة عين ، ناهيك عن الاموال التي ساهمت بشكل كبير في فرضه كمنافس جاعلة منه الفارس المنقذ.
الارادة الشعبية هي من تصنع الفارق وليس «الجامات ، السالفي « والتباهي عند نشرها مصحوبة بتعليقات لا تسمن ولا تغني من جوع ، كان الاجدر لها ان تضمن الحد الادنى من الاجابة عن السؤال الجوهري ماذا نريد من استمرار الحراك؟
لوطرح الطلبة هذا السؤال الوجيه على أنفسهم، لتوصلنا الى وثبة مهمة من الوعي الغائب الاكبر ،وقدمنا ارضية نقاش مصحوبة بخيارات تكون لمسة الطالب الجامعي فيها حاضرة، لكن للأسف مسيرة الطلبة، لم تكن في مستوى التطلعات والرهانات ، لأنها مسيرات ولدت ميتة ،تنطلق بإيعاز وتنتهي بعقارب ساعة مضبوطة لا تتجاوزها ، ولعل الشخصيات الحراكية التي ركبت موجة الاحتجاجات منذ بداية المسيرة الاولى وترشحت لخوض غمار الرئاسيات من أمثال، «مسدور، بخليلي، بلهادي، عوينة، خرشي، أسامة وحيد، بن نعمان «من أسرة الجامعة، ومن جيل لم تكن له سوابق سياسية.
ولولا التطمينات التي أبرقها المدونون عبر الوسائط الافتراضية لهؤلاء، لما تجرأ واحد منهم بالمغامرة والعودة بخفي حنين، لأن الوعود التي قدمت لهم، كانت زوبعة في فنجان، لم تصل النصاب المطلوب، عكس طلبة تونس الذين جعلوا من مدرجات الجامعة قيادة أركان الحملة الانتخابية، عجزت الاحزاب السياسية عن اللحاق بها، وهنا يظل الفارق شاسعا، ناهيك عن ان الغالبية الساحقة لا تملك بطاقة الناخب، فكيف لها مبايعة برنامج رئيس؟ لذلك لا نتأسف عندما تحولت ما يسمى بمسيرة الطلبة الى تجمع ثلاثاء الكهول، وكل فرد يغني ليلاه، ولم يعد للطالب أدنى حضور كما كان موجودا في الجمعات الثلاث الأولى.
عودة القضاة إلى «بيت الطاعة»، كان منتظرا بعد ما خرج الاضراب عن سياقه الحقيقي، وكشف المستور في حركة تعد الأولى من نوعها لهذا السلك القضائي، ولعل المستشارة القاضية بمجلس قضاء سطيف «حدة توام» قطعت كل قول خطيب، قائلة «بلغنا مستوى التراشق بالزعامات والتخوين ومصادرة للرأي المخالف تحت طائلة العقاب والقوائم السوداء، وغيرها من الردود الصادمة التي لا تمت للقاضي بصلة، لكنني رأيت في نفس الوقت زملاء آخرين يسعون سعي الوحوش في البرية من أجل الظفر بالمكاسب المادية الآنية، ووقفت على حقائق صادمة وتنسيقا غير عادي بين بعض أعضاء المجلس الوطني للتصعيد مباشرة بعد انتخاب النقيب وحاربت التكتلات ومحاولات الانقلاب على الديمقراطية «، بقية الرسالة البيان لا أنصحكم بالإطلاع عليها، لأن فيها ما يدمي القلب.
حكمة اليوم
«إن لم تكن تحمل هم الوطن فأنت هم على الوطن».