عندما يفقد الحكيم حكمتـــه..؟!

أمين بلعمري
04 نوفمبر 2019

من أنبل المهن التي يمكن أن يشتغل بها المرء على الاطلاق هي الطب، كيف لا وهي مهنة إحياء الأنفس قبل الأبدان، فكم من طبيب أنقذ مريضا من موت محقق وأعاد إلى آخر السمع والبصر بل بعث فيه حب الحياة والإقبال عليها من جديد فاستحق الطبيب لقب الحكيم لأنه بحكمته يداوي العلل والأسقام ويكفيه شرفا وفرحا أن يرى مريضه يتعافى ؟.
صحيح أن الطبيب كغيره من البشر لديه الحاجيات التي يحتاجها أي إنسان من مسكن، مطعم وملبس وحتى مركب وأجهد نفسه وأفنى شبابه من أجل تحقيق كل ذلك بكد جبينه، لهذا من الخطأ الاعتقاد أن الطبيب جمعية خيرية يشتغل بدون مقابل لأن ذلك غير منطقي ولا معقول فلكل جهد مقابل، لكن من غير المعقول ولا المقبول أن يحنث الطبيب بقسم ايبوقراط وينسى أن مهنته ليست تجارة مربحة بقدر ما هي التزام أخلاقي وتعهد أمام الله قبل قسم الطبيب، لهذا قد تجد بعض الممارسات ما يبررها في بعض المهن الأخرى ولكن لا يمكن تبريرها أبدا عندما تصدر عن طبيب يمكن لأي منا أن يودع نفسه أمانة بين يديه في أعقد العمليات الجراحية مثل القلب والمخ؟ لأن الشعور بالأمان والاطمئنان بين يدي طبيبك هي بداية التعافي والشفاء، لأن الأثر النفسي لذلك وقعه كبير على الإنسان ولكن على العكس عندما يصادفك طبيب يشعرك بأن همه الوحيد هو الحصول على مالك قبل شفائك بتصرفات أصبحت منتشرة ـ للأسف - مثل أن يكون هذا الطبيب يمارس مهنته في القطاع العام ولكنه يجبرك على إجراء العملية على يديه ولكن في عيادة خاصة وبمبالغ خيالية ؟ هل يمكن أن يجد أحدهم مبررا مقنعا لطبيب كهذا؟ وهل يمكن لهذا الأخير أن يتحجج بضعف الراتب في القطاع العام أو أي مبررات أخرى تتناقض مع مهنة ورسالة الطبيب التي هي بالأساس العلاج أولا والمادة ثانيا، ولكن أن تنقلب المعادلة عند بعضهم إلى درجة أنه يتفرج على مريض يموت أمامه ولا يفعل شيئا لأنه لا يملك مقابل العلاج، فهذا لا يمكن إلا أن يصنف خائنا لقسم ايبوقراط فكيف يطلق على مثل هؤلاء لقب «الحكيم»؟!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19635

العدد 19635

الجمعة 29 نوفمبر 2024
العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024