إنحرف الحراك الجارية أطواره منذ 22 فيفري المنصرم عن مطالبه «الهادئة» الأولى التي كانت محل اطلاع الرأي العام والمقبولة سياسيا من قبل الجزائريين كونها سعت إلى الإحاطة بالانسدادات السائدة منذ فترة على أكثر من صعيد.
ماسمعناه من شعارات يوم الجمعة الماضي، في البريد المركزي وأودان وحسيبة وأمام الجامعة يؤكد ما أوردناه سابقا بأن الحراك يسير أو بالأحرى اخترقه أناس من ذوي السوابق الأيديولجية المنضوين تحت راية الأحزاب الجمعيات، المنظمات، النقابات وبقايا الأحداث التي شهدتها الجزائر فيما سبق وماتزال سارية المفعول في أذهانهم إلى غاية يومنا هذا.
ونأسف أن البعض ترك الحقد يحل محل التسامح ويطلق العنان لدعوات التحريض هذا ماكان يصدر عن شخص يحمل مكبر صوت «ميقافون» مرددا عبارة «نوضو يالعاصمة نوضو» وهذا الكلام كان يتوارد على مسامع الناس كلها كانت هناك تشجنات فلماذا يجتره البعض في هذا الحراك؟ وهناك أشخاص يهتفون بأشياء لاعلاقة لها بالوضع عندما يقعون في الفعل المطلق تجاه الموعد الانتخابي القادم، وهذا مايتناقض مع الادعاءات الديمقراطية التي يبتجحون بها زيادة على التصريح بأمور غير مسؤولة تجاه البلد.. في غياب صوت العقل والحكمة والأكثر من هذا احترام الآخر.
هذا التفاعل الهجين فعلا ألحق ضررا معنويا كبيرا بالحراك مماجعل «الأوائل» ينسحبون وتعوضهم عينات حاملة لآفة الحقد لطالما سعى الجزائريون لمحاربتها بشدة خلال المراحل السابقة اقتناعا منهم بأن ضررها يتجاوز نفعها وقد كلفتهم متاعب جمة من أجل إعادة الاستقرار إلى كامل ربوع الوطن وعلينا أن لا نضيع هذا المكسب الثمين.
كما أن على الجميع استعادة شعارات الحراك الأصيل التي كانت مفخرة للجزائريين منها «سلمية.. سلمية»، «جيش ـ الشعب خاوة خاوة»، «جزائر واحدة موحدة» ورفع صور الشهداء وكل مايخدم الجزائر قلبا وقالبا.
وعليه، فإن الحراك ليس معارضة أبدية وإنما وقفة شعبية تاريخية أملتها ظروف معينة يعرفها العام والخاص ولاداعي للخوض فيها وإنما اليوم نحن أمام مصير بلد سيكون على موعد مع انتخابات رئاسية بعد اختيار المترشحين القادمين ويحتاج إلى الهدوء لإنجاز هذا الحدث بعيدا عن التصعيد.
ومنطقيا، فإن المطلوب من الجزائريين أن لايضيعوا هذا الموعد التاريخي لأننا في العملية الانتخابية الثالثة بعد18 أفريل و9 جويلية 2019 وإنجاح هذه المحطة الحاسمة حتمية لا مفر منها قصد الخروج من هذه الوضعية والذهاب إلى آفاق واعدة بانتخاب رئيس للجمهورية مخول له تسيير المرحلة القادمة.. إذ لا يعقل أن تبقى الجزائر بدون رئيس منذ قرابة 9 أشهر.. والكل يدرك مامدى رمزية هذا المنصب على الصعيدين الداخلي والخارجي.