كلمة العدد

نظام إدارة شفّاف

فضيلة بودريش
26 أكتوير 2019

في خضم النقاش الواسع الجاري في الوقت الحالي وسط عالم الشغل، يتضح بحسب المتتبعين أن الخلل يكمن في دواليب صندوق التقاعد نفسه على ضوء ما انكشف مؤخرا ونقلته وسائل الإعلام من ضبط اختلاسات رهيبة وتحايل يستهدف موارد الصندوق، توّرط فيها بعض موظفيه ونعني بذلك «قضية البليدة»، ولعل هذا ما يستدعي قبل الذهاب إلى أي نقاش إخضاع صندوق التقاعد بكافة وكالاته الجهوية خاصة ومصالحه المركزية على وجه العموم إلى عملية التدقيق والجرد، وفقا لقواعد الحوكمة، بهدف تطهير هذا المرفق العام الحيوي من كافة أشكال الفساد خاصة أنه يعيش على اشتراكات العمال، وبالتالي من حقهم معرفة مآل تلك الموارد المالية وكيفية تسييرها وإداراتها.
تبين أن المسألة ليست مسألة الموارد، وإنما مسألة تسيير تلك الموارد وفقا لقواعد الوضوح والعدل والإنصاف. انطلاقا من أن منظومة التقاعد ترتكز على مفهوم التضامن بين الأجيال فلا يصّح الإضرار  بجيل دفع أبنائه من الطبقة الشغيلة الاشتراكات القانونية بانتظام، والحل اليوم يكمن في البحث عن آليات فعالة لامتصاص السوق الموازية، التي يحقق أصحابها الثروات، دون أن يدفعوا ما عليهم من حصص لعمالهم، وهذا من المفروض دور الدولة وتلعبه «مفتشية العملوفرق التفتيش للضمان الاجتماعي» أي منظومة الحماية الاجتماعية التي ينبغي أن تتحرك في حماية العامل،ولا يجب الذهاب إلى الحلول السريعة والسهلة، بل أنه يتطلب في الوقت الراهن اللجوء إلى الابتكار للعثور على مصادر دخل جديدة، وهذا ينطبق على التعاضديات ومصالح الضمان الاجتماعي، ولعل بلوغ هذا المستوى الراقي من الإدارة والتسيير الراشد لمرافق هامة، مثل صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي، يتطلب إرساء نظام إدارة شفاف، مع تقليص نفقات التسيير ومع إدراج الحوكمة وتحسين الخدمة.
يذكر أن الدولة أكدت في العديد من المرات حماية الجانب الاجتماعي، لكن ينبغي تسليط الضوء مجددا والتذكير بأن القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المتقاعدين توجد في وضعية سيئة، فلا يمكن التضحية بالمتقاعد وحرمانه من التثمين السنوي على قلّته وجعله من الحلول الترقيعية لإنقاذ الصندوق من الإفلاس، ولا يعقل تقليص نسبة سنوات منحة التقاعد، ولا يعقل كذلك مضاعفة سنوات التقاعد بالشكل المرّوج له، لأنه في النهاية يضّر بما يؤول من العامل من منحة تعد زهيدة، بل الأحق أن ترفع منحة التقاعد لمن عمل أكثر من 32 عاما، ويعد هذا تحفيزا على العطاء أكثر ومواصلة المسار المهني. ينبغي إيجاد حلول متنوعة وليست أحادية يعدها بيروقراطيون على مسافة بعيدة من عالم الشغل حيث يتصّبب العرق، ولماذا يغلق باب التقاعد في وجه من دفع اشتراكات 32 عاما وشعر بالتعب؟، في ظل حقيقة أن الأمل في الحياة تقلص ويكفي مراجعة إحصائيات مصالح وزارة الصحة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024