بعيدا عن المضاربة السياسية

فنيدس بن بلة
14 أوث 2019

بعيدا عن القيل والقال الذي يطبع المشهد السياسي، تستمر هيئة الحوار والوساطة برئاسة كريم يونس في نشاطها، متجاوزة الظرف الصعب، متصلة بمختلف الفاعلين والشخصيات السياسية آملة منها الانخراط في المسعى التوافقي لإخراج البلاد من أعقد أزمة حكم عرفتها في تاريخها الحديث.
يظهر من خلال تصريحاتها وبيانتها الحريصة من خلالها على إعطاء المعلومة حقها من المصداقية والآنية دون السماح بأي تأويل أوإشاعة تعطي لمهمتها أبعادا وغايات أخرى تخرجها من مضمونها ومحتواها، ان الهيئة عازمة على الذهاب إلى الأبعد في انجاز ما تحرص عليه معتبرة إياه تضحية ثانية من اجل الجزائر.
أكد هذا الطرح أكثر من مرة، كريم يونس الذي يحمل نظرة أخرى لبناء جزائر المؤسسات والديمقراطية يجد فيها كل مواطن مكانة واعتبارا ولا يحس احد بالغبن والإقصاء، مؤكدا عزمه على تجسيد خارطة طريق ارتسمت معالمها في اللقاء الأول، قائلا للملا،أن ما يقوم به يمليه عليه نقاء ضمير، واجب مسؤولية ورسالة وفاء لخدمة الوطن ولا شيء آخر غير الوطن.
يستمر يونس الذي انخرط في صف المعارضة البناءة منذ أن كان رئيسا للمجلس الشعبي الوطني في عهدة تشريعية سابقة، ولم يتنازل عن موقفه ورؤاه رغم الضغط الممارس عليه من أعلى قمة الهرم السياسي، في الدفاع عن أفكاره بتلقائية دون حسابات الربح والخسارة، محاولا إقناع من يتمادى في عرقلة مسعى الهيئة ويشوش عليها تطبيقا لأجندات أوتأدية وظيفة بالوكالة، مجيبا لأكثر من مرة على السؤال القديم الجديد المتكرر المردد على الألسنة وفق تقاسم وظيفي مكشوف مبرمج :» أن الهيئة تعمل بروح الاستقلالية والشفافية بعيدا عن أي تدخل رسمي أوأملاءات فوقية».
بعد كل هذا نتساءل كما يتساءل غيرنا ، لماذا استمرار الحملات المناوئة للهيئة عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتمسك بالمطالب التعجيزية التي تكلف البلد أكثر وتعيق البحث عن أرضية توافق ، منطلق التأسيس لمر حلة سياسية ينتظرها المواطنون بأقصى درجة الصبر، ويراهنون عليها في استعادة الثقة وتكريس الأمن والأمان والاستقرار الذي تحقق بالدم ،الدمع والتضحيات.
كثرت المبادرات وتعددت الأطراف وتباينت أساليب العلاج والمنهجية المتبعة، لكنها تقاطعت حول الغاية والهدف:كيفية إخراج البلاد من حالة الانسداد السياسي بإشراك الفاعلين من شخصيات وممثلي الطبقة السياسية ، المجتمع المدني والحراك بروح المسؤولية وتكاتف الجهد ووحدة الصف بعيدا عن القاعدة السلبية :»تخطي راسي».
 من هذه الزاوية ،يجب أن تقرا المتغيرات وتفهم المستجدات الطارئة في الساحة السياسية بعد تجاوب إطراف عدة مع المبادرة والانخراط فيها ،مقتنعة إلى ابعد الحدود بجدوى التجنيد للمساهمة في تلبية حشود المواطنين في مسيرات سلمية تشدد على التغيير الجذري للنظام السياسي ودواليب الحكم بفتح المجال اكبر للطاقات الشبابية والكفاءات حاملة مشاريع التحول والبناء بعيدا عن التمسك المفرط ب»الشرعية الثورية أوالتاريخية ».
من هذه الزاوية، يجب النظر إلى المعادلة السياسية وتوازنها والاقتناع بان هذا التنوع ، يثري مقترحات الحلول وتناغمها وأهميتها القصوى في مشاورات الحوار مع الطبقة السياسية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني، على أن تكون كل المقترحات والآراء وثائق عمل ومقترحات يتم تقديمها خلال الندوة  الوطنية التي ستنظم في نهاية المشاورات.
نعتقد جازمين، أن هذا المعطى الثابت هوالذي يحسب للجزائريين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم وألوانهم ، لا عليهم في التحلي بروح الواقعية والتحدي لتجاوز مرحلة عصيبة وحل أزمة هيكلية لنظام الحكم واليات التسيير وإدارة الشأن العام.
نقول هذا استنادا إلى تجارب سابقة، خاضها المواطنون بنجاح، متخذين من الاهتزازات والاضطرابات، قوة انطلاق نحوالتجدد والتقويم، ضاربين المثل الحي للأمم الأخرى سارت عكس التيار، سقطت كأوراق الخريف في مشروع ما يعرف «بالفوضى الخلاقة»، انطلقت بهيستيريا في تدمير أوطانها بأيديها ولم تخرج بعد من الدوامة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024