تصحيح مسار الحوار

جمال أوكيلي
31 جويلية 2019

المقاربة المتعلقة بالحوار، تبقى الخيار الأكثر واقعية في الذهاب إلى إنتخاب رئيس الجمهورية وتطبيع العمل المؤسساتي بإتجاه إحداث ذلك النسق المأمول في الأداء، واستكمال تلك الحلقات في هرم مهام النظام السياسي الجزائري القائم.
من الإجحاف تقييم لجنة الوساطة والحوار في أقل من أسبوع وعمليا فإنه لا يوجد ما يجري تثمينه نظرا لغياب المبادرات الأولى التي يبنى عليها أي نشاط في هذا الشأن بإعتكاف رئيسها كريم يونس وفريقه على البحث عن الآليات التي يرونها لائقة لدعم هذا الإطار خاصة بشريا.
غير أنه ليس عيبا أن يصحح هؤلاء المسار الحالي للحوار الذي لم ينطلق بعد بإتجاه مسلك الحياد ونعني بذلك عدم الإنبهار بالشخصيات الرافضة للإنضمام وتفادي البقاء أسرى «أساطير» هؤلاء في أنهم منقذو هذه الأمة هذا ليس صحيحا أبدا والتاريخ يشهد على ذلك.
الجزائر مرت بمحطات أصعب من هذه بكثير خلال التسعينيات وقبلها وخرجت سليمة معافاة بفضل من مد يده لإخراجها من تلك الوضعية المعقدة أمنيا وسياسيا ولم يكن أحد يبحث عن «السوبرمان» أو «الرجل الخارق» لقد ولى ذلك الزمن للأبد علينا أن نكون واقعيين والظرف ليس كـ «التفلسف» السياسي أو التحاليل المجانية التي تغلق الآفاق بدلا من فتحها ونتخلص من كل هذا الهم.
وعليه، فإن لجنة الوساطة والحوار تعد مكسبا سياسيا ثمينا في السياق الراهن لا نفرط فيه أبدا والذين قبلوا العضوية فيها يستأهلون كل الخير، إذا ما قارنا ذلك بمرحلة ما قبل تشكيلها إذ لم تكن هنا أي آلية تذكر أو قادرة على سد ذلك الفراغ في كيفية عودة الدفء بين أبناء الوطن الواحد.
والإنزلاق غير العمدي الناجم عن الحماس الفياض وحب الجزائر والرغبة في الإنتقال إلى وضع أحسن لدى جماعة الحوار وإرادتها في إنطلاقة قوية تكون بمثابة شهادة حية على المصداقية التي ستحظى بها مستقبلا فيما يتعلق بالعمل المنوط بها.وبالتالي فإن على لجنة الوساطة والحوار أن تفكر مليا في تنظيم نفسها من ناحية تعيين الناطق بإسمها ولا تترك الحبل على الغارب فكثرة التصريحات غيب حقا فهم ما يريده هؤلاء.. زيادة على الإنضباط في إحترام تعليمات رئيسها لتفادي السقوط في التناقضات التي لا تخدم جوهر المهمة.
والمنصب الذي يتولاه كريم يونس لا يحسد عليه، فهو بين نارين ما يجب أن يقوم به وضغط المخرجات الأخرى وهو الآن في الخانة الثانية يسعى لافتكاك أوراق حاسمة وفاصلة للإنطلاق بها ونقصد هنا إجراءات التهدئة المطلب الذي رفعه الجميع.
ومثل هذه التدابير لا يجب أن تتحول إلى عامل معرقل للحوار بل قد تكون من النقاط المدرجة في جدول أعمال المتحاورين تطرح عند سريان النقاش ولا تكبح جماح هذا المسعى وتجعله متسمرا في مكانه وهذا للأسف ما نقف عليه اليوم.. إستباق هؤلاء للأحداث أوقعهم في مطب الصعوبة.
وعمليا ليس هناك رفض قاطع للمطالب الأولية الصادرة عن لجنة الوساطة والحوار كل ما في الأمر هي دعوة ضمنية كي يتم مراجعة مضمون تلك اللائحة بإتجاه ما يخدم الوضع العام للبلد وهذا بتفادي الخوض في المسائل الحاملة للأبعاد الأمنية الحريصة على سلامة الأشخاص والممتلكات وعدم ترك فرصة لعودة الإختراقات مرة أخرى وتمرير شعارات تلحق الأذى بالبلد.
على أعضاء اللجنة أن يعوا هذه التحديات إن آجلا أم عاجلا وهذا من خلال تعديل مسار الحوار وتوجيهه توجيها سليما وفي نفس الوقت عقلنة سقف المطالب.. وعدم إدراجها ضمن قراءة لا تنم عن الشروط المسبقة ذات الطابع التعجيزي.
ومن جهة أخرى فإن التزام كريم يونس وفريقه بأنهم لا يمثلون الحراك ولا ينطقون باسمه هو بمثابة هامش واسع لتحركاتهم بعيدا عن كل ضغط خارجي لكن هذا لم يظهر في تصريحاتهم للأسف.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024