كلمة العدد

التّكامل في الوقاية

جمال أوكيلي
03 ديسمبر 2018

تنتشر الجريمة في المجتمع بشكل مذهل لا نوليها الأهمية المطلوبة والمتابعة اللاّزمة، نظرا لانشغالاتنا اليومية المتولّدة عن الإلتزامات المرتبطة بالعمل، وغيره ممّا أوصل ذلك إلى مستوى «تتفيه» هذا الخطر الدّاهم واعتباره حدثا عاديا جدّا، هذا التّفكير الملاحظ اليوم لا نعي تداعياته إن استمررنا أو تمادينا في مجاراته عمدا دون الذهاب إلى تحريك الرّموز السياسية والدينية والتعليمية وغيرها لوضع حد للتنامي المقلق لهذه الظّاهرة الصّامتة التي تحفز على الأفراد.
اليوم بحكم الضّغوط النّفسية المذكورة سالفا - الانشغالات والالتزامات - الحادّة فإنّ الأخبار المتعلّقة بالجريمة لا تثر أدنى تفاعل معها لدى المواطن إن صادفها في القنوات التلفزيونية، أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو في الجرائد أو سمع عنها، كل ما في الأمر يتأسّف لوقوعها دون أن تبعث فيه تساؤلات واجبة عليه، منها إلى أين نحن ذاهبون في هذا الاتجاه؟
هذه الإشكالية الاجتماعية المعقّدة والمتداخلة في نفس الوقت، يسعى مراسلونا عبر الولايات إلى شرح أسبابها العميقة بالوقوف على الوقائع الملموسة المؤدية إلى كل تلك الأفعال المنافية للقانون، من خلال التّواصل مع أساتذة أكفّاء في هذا الجانب، بإعطاء الأولوية للتّحليل وليس للأرقام التي يمكن قراءتها لكن هذا لا يكفي من ناحية التكفل الكامل بما يرتكب.
وما ينقله مراسلو «الشعب» في الجزائر العميقة من زيادة انتشار مخيف للجريمة إنما ندرجه في سياق تنبيه السّلطات العمومية من أجل اتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية المجتمع من هذه الضّربات والصّدمات التي تلاحقه يوميا، تحوّلت إلى مادة دسمة تتاجر بها وسائل الإعلام في صدارة نشراتها وحصصها دون أن نعي خلفيات ذلك بالنسبة للآثار المترتّبة على الأشخاص، وبخاصة الأطفال والمراهقين الباحثين عن تقمّص أي عمل يحدث نقلة في شخصيتهم مثل «الحوت الأزرق» وغيره.
وجل الجرائم المرتكبة حاليا كانت جراء تأثير مباشر لما شاهده الفاعلون في الأفلام يقومون بأداء دقيق فيما يتعلق بالطّرق المستعملة، وتضليل المحقّقين أي قصص بأتم معنى الكلمة تبث عبر بعض  القنوات.  
لابد هنا أن يتم تفعيل سلطة الضّبط السّمعي البصري المخوّل لها قانونا أن ترافق القنوات في هذا الشّأن، وهذا من خلال المطالبة بإزالة كل تلك الصّور الحاملة لبذور العنف الممهّدة للجريمة، عن طريق توجيه ملاحظات بيداغوجية لا تتعلّق بالرّدع إلاّ في حالات الإصرار حفاظا على المجتمع.
لذلك فإنّ معالجة الجريمة ليست مهمّة أمنية بحتة، وإنما هناك أطراف أخرى عليها التدخل قصد التّخفيف من وطأتها كالخبراء في علم النفس وعلم الاجتماع والأساتذة في الدين، والتّضامن وغيرهم من الفاعلين بالرّغم من أنّ الواقع قد يتجاوز الجميع بحكم عدم قدرتنا على السّير معه واستبعادنا لشعار «الوقاية خير من العلاج».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024