ثورتنا المجيدة و مقاومة الشعب الجزائري الباسلة ضد الاستعمار الفرنسي ، ملحمة اعترف لها التاريخ و العالم بأنها ثورة فريدة من نوعها، استلهمت منها العديد من الشعوب و كانت وراء طي صفحات الاستعمار في القارة السمراء و في العديد من دول المعمورة. الملحمة الخالدة التي كتبت فصولها بالدماء و الأرواح والتضحيات بالنفس و النفيس من أجل جزائر مستقلة، ألهمت العديد من الأدباء والملحنـين وكتاب الأغاني والشعراء ورجالات الفن الرابع و السابع على الصعيدين الوطني والدولي. لكننا و للأسف لم نوفها حقها و لم نوف صانعيها ضريبة التعريف بهم و تدوين مآثرهم و التعريف بشخصياتهم و تضحياتهم، بما يليق بكل ما قدموا . لا ينكر أحد اليوم أن مجهودات كبيرة بذلت و إصدارات نشرت عقب الاستقلال، حيث كتب البعض عن معارك و مواقف و بطولات مستندين لشهادات ووقائع عاشوها هم أو أحد مقربيهم في حين بقيت الكثير والكثير من محطات الملحمة و أحداثها حبيسة أبواب الصمت.
صمت فرضه الجرح الحي والراسخ في الجسد والروح جراء القهر و المعاناة ورغبة في الاستمتاع بالعيش الكريم تحت سماء جزائر حرة أبية و سيدة ، وصمت آخر فرضته الظروف و قوانين وتعليمات خاصة بالأرشيف . ويتفق الكثير اليوم، على أن كتابة التاريخ و الكتابة الأدبية في التاريخ ليستا بالمهمة السهلة كونهما تعتمدان البحث والتدقيق وترتكزان أساسا على شهادات حية.
ولا ينكر الكل أن كتابات صدرت تحمل بيوغرافيا الشهداء وحيثيات بعض المعارك الخالدة و كذا سيناريوهات خطت كانت وراء إنتاج أفلام سينمائية، وعروض مسرحية شيقة وأنه على مدار 23 سنة، يستضيف الصالون الدولي للكتاب ذكرى الفاتح نوفمبر 1954 وكل الإصدارات الخاصة بالمقاومة الوطنية و الثورة النوفمبرية، في عرس بهيج يكون فيه التاريخ والناشئة ضيوف شرف، لكن هل يمكننا أن نعزز المجهودات أكثر و أن نضع إستراتيجية ناجعة لتشجيع الكتابة عن ثورة نوفمبر المجيدة و عن الشهداء و المجاهدين و عن مقاومة الشعب الجزائري من أجل الحرية والكرامة؟ وعلينا اليوم أن نفي بذلك العهد ونكمل الفصول غير المكتملة للملحمة الخالدة ، نبلغها كأمانة وضعها السلف الصالح بين أيدينا كي نودعها للأجيال الصاعدة ونزرع فيها من حب الوطن وروح التضحية والشجاعة ما يساعدها على الحفاظ على الجزائر.