ما بعد مرحلة التشخيص!!

جمال أوكيلي
24 أكتوير 2018

 

 

 

الفيضانات المتتالية التي كانت بعض الولايات مسرحا لها في فترة وجيزة،، كشفت عن فجوات في الأحياء والمناطق الحضرية التي غمرتها المياه إلى مستويات فاجأت السكان كونهم لم يتعوّدوا عليها خلال التساقطات الأولى للأمطار.. لكن في لحظات تغير ديكور المدينة كل تلك السيول للأمطار  لم تجد منفذا لسريانها وبقيت تنتظر تناقصها مع مرور الوقت بسبب انسداد البالوعات ومجاري المياه وغيرها.
التشخيص الذي ما فتئ الجميع يردّده في مثل هذه الأوضاع هو أن الإنسان اعتدى على نظام استقبال كميات الأمطار
والمياه المستعملة،، وهذا عندما امتدت يده إلى تحويل اتجاه مساراتها وإدخال تعديلات عليها وإلقاء بداخل قنواتها مواد بلاستيكية وأغراض صلبة أخرى من النفايات وبقايا الأشغال وزيوت السيارات.
ماذا ننتظر من كل هذا؟ في حالة التهاطل الغزير للأمطار، أو ما تأتي به الأودية من مياه سوى إغراق المدينة في تلك السيول، وهذا ما حدث لنا خلال الأسابيع الماضية، في أوقات متلاحقة، من ولاية إلى أخرى مخلّفة خسائر مادية كبيرة لكن ماذا بعد هذا كله؟
هذا لم يمر مرور الكرام بل أن ما حدث يجب أن لا يتكرّر ثانية وبمثل هذه المأساة بعدما وجدت الجماعات المحلية نفسها عاجزة عن مرافقة هذه الحالات، نظرا لنقص الإمكانيات المادية خاصة وغياب تصوّر واضح في كيفية التصدي لمثل هذه الأوضاع في الأوقات الاستثنائية وانعدام كذلك الاستعداد النفسي.
وهكذا قرّر رئيس الجمهورية منح فترة ٦ أشهر من أجل تحيين الإستراتيجية الوطنية للوقاية من مخاطر الكوارث الطبيعية ورسمها لآفاق ٢٠٣٠، مع نظيرتها المحلية، في كل ولاية تراعي خصوصيات كل منطقة ومخططات قطاعية في نفس الفترة.
وبناءً على هذا القرار، فإن السلطات العمومية مدعوة إلى الإسراع في إعداد تصوّر شامل لتفعيل تلك الإستراتيجية ميدانيا، ترتكز على منهجية عمل جديد متكيّفة تكيفا قويا مع طبيعة لأحداث قبل وقوعها والتحكم في تداعياتها في حالات المباغتة أي عدم توقعها.
وتدرج في هذه الإستراتيجية المهام المخولة للأرصاد الجوية التي عليها أن تكون متساوقة مع كل هذه الانشغالات عن طريق متابعتها الدقيقة لكل التغييرات الجوية، وإطلاع المعنيين بها في الوقت المناسب.
وهذا الشريك أساسي بالنسبة للسلطات العمومية في مطالبة هذه الأداة الحيوية بأن تعمل من الآن فصاعدا وفق رؤية جديدة قاعدتها الإنذار المبكر تكون في خدمة تلك الإستراتيجية المحيّنة خلال الـ ٦ أشهر القادمة، تسقط امتداداتها على نظيرتها المحلية، في الفترات المستعجلة.
كما أن هناك شريكا آخر، ألا وهو المجالس المحلية المنتخبة من بلديات وولايات التي عليها الانخراط بقوة في هذه الاستراتيجية انطلاقا من حرصها على حماية المدنية باتخاذ التدابير اللازمة فورا، ومثل هذا العمل يجب أن يكون واضحا يخضع لخارطة طريق عناصرها قابلة للتطبيق.
وكل هذا المسار المسطّر يجب أن يكون متوجّها مباشرة إلى تلك الجماعات المحلية كونها الجهة التي تتحمّل مسؤولية ما يقع في أول الأمر، ثم يأتي المتدخلون الآخرون، ليكون العمل واضحا في هذا الشأن لا يشوبه غموض ولا يكتنفه لبس فكل منطلقات هذه السياسة موجودة في قانون ٠٤ - ٢٠ المتعلق بالوقاية من المخاطر الكبرى وتسيير الكوارث في إطار التنمية المستدامة.. من هنا تكون البداية لتجاوز هذه الأوضاع المناخية الطارئة، وهذا ما يعني بأننا حاليا في مرحلة الالتزام العملي بهذا المشروع الوطني.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024