طبوعنا الموسيقية.. على باب العالمية

بقلم: حبيبة غريب
14 أكتوير 2018


طبوعنا الموسيقية متنوّعة وثرية تنوّع ربوع الجزائر وثراء عادات وتقاليد مناطقها الشّاسعة، طبوع تجتمع فيما بينها في خصوبة الكلمة وعذوبتها، وفي حكمة القصيد وجمال أبياته وهندستها وجمال الإيقاع وعذوبة اللحن وروعة الأداء والإلقاء. طبوع متعدّدة رائعة تحدّت منذ القدم حدودها الجغرافية وخرجت من مهدها إلى العامة، فاحتضنها الأفراد والجموع، واستمتع بها الكبير والصغير، وتخطت العديد منها العالمية، فكان ومازال لها شأن كبير، حملها فنانون مهاجرون في حقائبهم، وعملوا على نشرها وتعريف الضفة الأخرى بها وفرضها أيضا في سجلات العالمية.
«يا الرايح»، «وهران»، «عين الكرمة»، «يا الصالح يا الزين»، «يا زينة»، «واد الشولي»، «بنت العرجون»، والقائمة طويلة جدا كلها عناوين أغاني تخطت حدود الوطن نحو الشهرة، مبرزة للعالمين العربي والغربي مدى تنوع وثراء جانب من جوانب موروثنا الثقافي وهويتنا الجزائرية، فزادتنا اعتزازا بأنفسنا وبماضينا وفنانينا ومجهوداتهم الفردية الناجحة.
لكن هل المجهودات المبذولة على الصعيد المحلي تفي اليوم هذه الطبوع حقها وتحفظها من خطر النسيان والزوال، وتحافظ عليها من القرصنة ومطالبة الجيران بالبعض منها لا سيما وأن الكثير منها متوارث شفاهيا من جيل إلى آخر، لم يحظى بفرصة التدوين أو الدراسة والبحث فيه؟
وهل نكتفي بالفخر لعالمية قلة من أغانينا وأهازيجنا وطبوعنا ونقتصر على إقامة مهرجانات محلية جهوية اقل ما نقول عنها  أنها حلقات مقفلة على البعض من ذوي الاختصاص  من فنانين و مطربين و شعراء، وهي الأخرى تعيش حالة التغييب بسبب التقشف وترشيد النفقات، هذا في غياب إرادة محلية ووطنية وسياسة فعالة من شأنها أن تتدارك التناقص وتسعى لوضع برنامح متكامل ومدروس يهتم بالبحث والتدوين والتعريف بطبوعنا الموسيقية والفنية المتعددة دون استثناء أو انحياز لجهة أو لأخرى. فالتكفل بهذا الموضوع ما هو سوى حفظ للأمانة ولماض ثقافي وموروث صنعه السلف ووضع فيه أحاسيس جميلة، هوية، تقاليد وتاريخ.
إن الحفاظ على هذا الموروث الثقافي من الضياع و العمل على إخراجه من المحلية إلى العالمية بإضافة البعض من العصرنة دون الحياد عن الأصل والجوهر مسؤولية، وان استعصى الأمر عن المهتمين والقائمين بهذا القطاع، فما عليهم سوى أخد العبرة من الفنانين الذين هاجروا  وصنعوا المستحيل من أجل ان تجد الأغاني والطبوع الجزائرية المحلية مكانا لها خارج حدود الوطن، وهم لا يمتلكون من الموارد سوى حس الفخر بالانتماء إلى جزائر الأصالة والثراء الاجتماعي والثقافي، فكانت أغانيهم جسرا ورابطا بين الوطن الأم والمهجر.ــ

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024