بعيدا عن التّشخيص التّقني

جمال أوكيلي
08 أكتوير 2018

الإزدحام المروري لم يعد عبارة عن تشخيص لحالة معيّنة تزول في الحين بل تحوّل إلى هاجس يلازم الأفراد في حياتهم اليومية، لا يخلو حديثهم عن هذه «الظّاهرة» منذ مغادرتهم مقر إقامتهم إلى الالتحاق بأماكن عملهم وهم في حالة نفسية صعبة جدّا، لها تداعيات خطيرة على صحّتهم نتيجة ما عانوه في الطّرق من اختناقات فعلا لها التّأثير المباشر على السّائقين دون أن يشعروا بذلك.
التأخر في عدم التّعجيل بإيجاد الحلول، وفق ما يتداول هنا وهناك أي توفّر مخطّطات جديدة للسّير، زاد من حجم الضّرر النّفسي لدى أصحاب السيارات، الذين يجدون أنفسهم دائما محاصرين في النّقاط السوداء بمدننا الكبرى، وحتى في مناطق أخرى ضاقت ذرعا، «الإنغلاق» الذي تشهده نتيجة التصاميم العمرانية غير الموفّقة بعدما كانت مفتوحة على فضاءات واسعة.
لذلك فإنّ هذه «الوضعية» لا يعقل أن تكون حاملة لمفهوم تقني فقط، أي السّعي من أجل إضفاء عليها تصوّر قائم على غلق اتجاه  وفتح آخر، أو «السّير في الاتجاهين» لاختصار المسافة، واستعمال النّفق لتفادي الوقوع في «المصيدة» وسط أو قلب الازدحام، هذا لم يعد كافيا أمام عدم القدرة في توقّع حالة السّير من لحظة لأخرى.
كل ما نسمعه اليوم عن هذا المشكل لا يعدو أن يكون بوادر لتراكم نفسي ناجم عن هذا الضّغط المتواصل، يتطلّب فعلا الحذر والحيطة لعدم التعرض لأمراض مزمنة، وغيرها من الإصابات وهذا للأسف لم ينتبه له الكثير من السّائقين، الذين يلاحظ عليهم في أغلب الأحيان ردود فعل غير طبيعية في الطّرق، تؤدّي أحيانا إلى ملاسنات ومناوشات، وللأسف هناك من يضع عصا في المقعد الأمامي.
حديثنا اليوم لا يتعلّق أبدا بالإزدحام المروري  بقدر ما نحاول رفقة مراسلينا إثارة ما يتولّد عن هذا الوضع نفسيا، وهذا عندما وصلنا إلى هذا المستوى من التّعقيد في طرقنا، خاصة عند ساعات الذروة أي الذهاب والإياب في وقت واحد إلى شتى الأشغال اليومية، لابد وأن نلتفت إلى هذا الواقع الجديد علينا «مدننا صغيرة» لا تتحمّل كل هذه الأعداد من السيارات.
لا تستطيع التحرك في الوقت الذي تريده بل تنتظر ساعات معيّنة صباحا أو مساءً لتغادر المكان الذي توجد فيه دون أي متاعب تذكر، وهذا التّفكير الذي أصبح عادة لدينا هو بحد ذاته «حالة نفسية» مخيفة، لابد من البحث عن بدائل أخرى، وحاليا فإنّ ثقافة النّقل الجماعي يحاول البعض العمل بها كالتوجه إلى القطار، الميترو، التراموي وبدرجة أقل الحافلات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024