يشكّل الإعلام الاقتصادي حلقة جوهرية في مسار التّنمية بكافة جوانبها، ويزداد دوره في الرقي بالأداء على كافة المستويات في ظل الظّروف الرّاهنة التي تثقلها التطورات في الأسواق المحلية والعالمية، في وقت أصبح فيه الفعل الاقتصادي الورقة الحاسمة في صياغة العلاقات بين الدول والمؤشر الحقيقي لمدى رقي المجتمعات.
هذا النّوع من التواصل بين أطراف الساحة الاقتصادية أكبر من أن يكون مجرّد دعامة مرافقة لتحسين السمعة أو ترويج بضاعة، بقدر ما هو أداة لتنوير الفاعلين من مؤسسات مستثمرين مقاولين ومبتكرين ومستهلكين حول التغيرات التي تجري بسرعة فائقة وتقديم المعطيات في وقتها مع إشراك الخبراء والمتخصصين في التشخيص واقتراح الحلول.
غير أنّ إنجاز مثل هذه المهمة ليست بالأمر اليسير، في ظل بقاء عديد القطاعات والمؤسسات والمنظمات المهنية على نفس السلوك التقليدي في التعامل مع الإعلام، بحيث يصعب الوصول إلى مصدر الخبر أو التواصل مع صانع القرار الاقتصادي.
إنّ التحديات القائمة اليوم محليا وعالميا، بكل ما تحمله من مخاطر تستوجب إعادة صياغة الرؤية للإعلام الاقتصادي، تفرض انتهاج أطراف الساحة الوطنية مقاربة اتصال حديثة ترتكز على الشفافية والوضوح، بحيث تعيد المؤسسة الاقتصادية التموقع في الساحة كفاعل أساسي لمسار التحولات نحو درجة متقدمة من النمو، الذي تتوفر عناصره الجوهرية وتحتاج فقط إلى بناء جسور الربط بينها.
وليس أفضل من ترقية الإعلام الاقتصادي الشامل بعيدا عن التكتلات والنوادي الضيقة من أجل بلوغ تلك الدرجة من التطور في مواجهة المنافسة الإقليمية والعالمية بكل ما تفرزه من أخطار على عالم المؤسسات، التي هي أشبه بكائنات حية تحتاج إلى ضخ «أكسجين» نقي يتمثل في مدى حجم المعلومات والبيانات والقراءات التي يتطلبها القرار الاقتصادي.
لم يعد اليوم أي مجال للانزواء والانغلاق في عالم تكتسحه تكنولوجيات الاتصال، التي تجتاز بفضلها الشركات القوية الحواجز الجمركية وتدخل الأسواق بدون تأشيرة، بينما توجد مؤسسات محلية في شتى القطاعات في مرحلة أشبه بالمتفرّج، بحيث لا تعرف مواقعها الالكترونية ديناميكية مستمرة، فيترتّب عن قصورها أو غيابها وسط المشهد الإعلامي دائم التحرك والتغير فرص ثمينة للفوز بمراتب متقدمة في الأسواق سواء بالنسبة للاستثمار والمشاريع أو الإنتاج والتسويق والأكثر أهمية التصدير، الذي لا مناص من كسب رهانه بسرعة.
والقاطرة الأنجع إلى جانب التمويل والعقار والتجهيز تخصيص مكانة ملائمة للإعلام وفقا لمعايير احترافية، بما يعطي للمؤسسة مناعة وسط محيط لا يعطي للضعيف أدنى فرصة للبقاء.