توشك العطلة الصيفية على الانتهاء، ونقترب من دخول اجتماعي جديد، ولاشك أنه يحمل كما تعودنا عديد المستجدات، على خلفية تحرك نقابات لتجديد رفع قائمة المطالب، بهدف افتكاك مكاسب أخرى لعمال قطاعها، وإن كان صوت النقابات وثقلها يتفاوت، لكنها في كل مرة كانت تنجح في الظفر ببعض مطالبها خاصة المادية منها، مجسدة بذلك حراكا وتعددية نقابية، ينظر إليها بعين التقدير تارة وتارة أخرى بالانتقادات والمآخذ.
لكن تبقى بعض النقابات التي تطلق على نفسها بانها «مستقلة» والتي تنتشر بشكل أكبر في قطاعي الصحة والتربية، تطبق بقناعة قاعدة «خذ وطالب»، تفاوض تارة وتلوح بالاحتجاج تارة أخرى، وفي الكثير من الأحيان تركز بشكل جوهري على المطالب المادية وأحيانا بعض المطالب المهنية، لكن تبقى المشاكل المتراكمة في قطاعها خاصة البيداغوجية قائمة، والمفروض أن تسارع إلى المساهمة في حلها لترقية أداء الموظفين والعمال في قطاعات حساسة.
في قطاع التربية الذي يضم عددا كبيرا من النقابات تشتهر بنشاطها وحركيتها وتعددها وكذا ثقلها التمثيلي، مازال يواجه تحدي ترقية مردود عماله من الأساتذة والمعلمين على وجه الخصوص، ومن ثم الوقوف على الخلل على خلفية أنه مازال يسجل تراجعا في مستوى التحصيل لدى التلاميذ في مختلف الأطوار الدراسية، والذي صار يمثل هاجسا حقيقيا يضايق ويرعب الأولياء، الذين يخوض بعضهم رحلة شاقة للبحث عن مدرسة أفضل لأبنائهم سواء كانت خاصة أو عمومية.
لكن من المفروض أن تساهم هذه النقابات في تبديد بعض تراكمات مشاكل القطاع، وكذا البحث في مسألة ضعف التحصيل على مستوى المئات أو الآلاف من المدارس، ولعلّ الأرقام المعتبرة التي تسجل على مستوى رسوب التلاميذ وكذا التسرب المدرسي من المفروض أن تكون دافعا محركا لمبادرة النقابات باقتراح حلول ينبغي أن تكون من خبرة ذوي القطاع.
نفس المسؤولية تتحملها بعض نقابات قطاع الصحة، حتى لا يكون نزوحا للمرضى الجزائريين للبحث عن العلاج في مستشفيات البلدان المجاورة وللميسورين في مستشفيات أوروبية. لأنه لا ينقص الطبيب الجزائري والممرض والتقني في المخبر التكوين الجيد، بل يشهد لعدد كبير منهم بالكفاءة والنزاهة والموهبة في أداء وظيفتهم.
لكن ينقصنا تسيرا جيدا وتوزيعا محكما يصل حتى سكان الجنوب والمناطق النائية، وجاء تسليط الضوء على قطاعي التربية والصحة كنموذجين من أجل أن تكون المنظومة النقابية سواء كانت عمومية أو خاصة أكثر فعالية وينصفون العامل والمواطن في نفس الوقت، وحتى يكون واجب العطاء متطابقا ومساويا مع الحقوق المستحقة.