أن نقرأ تاريخ ثورة اول نوفمبر ومحطاتها الخالدة بعين بصيرة، نتمعن في احداثها وتفاصيلها، كمن يروي تاريخا عايشه وصنع جزءا مهما من صفحاتها، الامر ليس بالهين بالنسبة لذلك الكاتب والمؤرخ الذي ينقل بصدق ما يسمعه من افواه صانعيه، او قرأه عبر مذكرات مختلفة، ثم يضعه في سياقه «الزمكاني الاكاديمي « يكون مسؤولا ادبيا وأخلاقيا وإنسانيا عنها امام الذاكرة الشعبية والجماعية للامة.
الثورة بدأت بتخطيط عسكري لم يكن خريج المدارس والكليات الحربية، انما اعتمدت اساليب الخداع، الكر والفر، وبأسلحة لم تكن في مستوى الارمادة التي سخرتها فرنسا الاستعمارية بمشاركة الحلف الاطلسي واللفيف الاجنبي، لذلك اعتمد المجاهدون الخديعة اسلوبا والعزيمة خيارا لا مفر منه، وبإيمان مترسخ إما النصر او الشهادة.
ان اهم مرحلة في بداية الكفاح المسلح كانت الاعداد والتحضير ثم انتقلت الى التنظيم والهيكلة كمحطة ثانية، يرتكز عليها اي نجاح اي عمل عسكري، فجاءت هجومات الشمال القسنطيني التي خاضها مهندسو المغارات والجبال في منح الثورة نفسا جديدا، ظاهره فك الخناق عن الاوراس المحاصر، وباطنه هو التفكير في ميثاق يمنح ارضية جديدة لديمومة الثورة وهي في عمرها الثاني من الكفاح المسلح.
كان خيار القادة في الولاية الثانية التفكير في ايجاد هذا المكان الضامن للقاء قادة الولايات التاريخية والسياسيين، دون ان تثير تحركات المجاهدين عيون العدو، فجاء التفكير في منطقة حجرمفروش ببلدية عين قشرة ولاية سكيكدة، ولان المنطقة تملك من المقومات الطبيعية ما يؤهلها الى عقد مؤتمر بحجم الصومام، الامر الذي وافق عليه القائد زيغود بمشاورة مجموعة من القادة، واستمر التحضير له الى غاية تاريخ الهجومات فتحول المؤتمر الى منطقة اكفادو بالولاية التاريخية الثالثة، مع تسجيل تخلف قادة الولاية الاولى الاوراس النمامشة ومجموعة الخارج.
هذا الحقيقة التي حدثت وبفضلها استمرت الثورة ولم تستطع فرنسا الغازية كبح جماحها، ولا فرض مخططاتها الاستعمارية، فكان النصر حليفها، وحليف الشرفاء والطيبين من المجاهدين والشهداء، وقد اختار الحركى وطنهم فرنسا، وخضعت الارادة الفرنسة الى ارضية ايفيان، مستسلمة، لم ينفعها سلم الشجعان ولا خطوط شارل وموريس المكهربة، ولا عمليات القتل الجماعي، ولا المحاكمات الصورية في كل مكان... ولا.. ولا ولم تنفعها اسطوانة الجزائر فرنسية.
بعد 63 سنة من ملحمة ابطال الولاية الثانية زيغود، بوبنيدر، شيبوط، بن عودة، كافي، لا تزال بعض الاصوات النشاز اليوم تمجد الاستعمار وتتعاطف مع الحركى والخونة، ممن باعو شرفهم وشرف اوطانهم بدراهم بخس معدودة، يختارون الزمان، يروجون لاستعمار قديم بثوب جديد... معذرة ايها الحمقى الاستعمار لاينتهي بالتقادم.