يحكى أن مجموعة من البسطاء كانوا يعيشون في قرية صغيرة محدودة المساكن والساكنين، كانوا يتعاونون على أمور حياتهم بكل هدوء وألفة وسلام، حتى بدأت الأجيال الجديدة تكبر وتتدخل في مجريات الأمور ويكون لها سلطة وكلمة مسموعة.
بدا الخلاف يدب بين أفراد المجموعة في القرية، حتى أنهم بدأوا يتصرفون على أهوائهم وحسب ما يراه كل منهم في تحقيق المصلحة. الأمر الذي نتج عنه تشتت وخراب عظيم حل بهم وبمزروعاتهم وكذلك أدى للشحناء والبغضاء فيما بينهم حتى كادت الحرب تقع بينهم. اقترح واحد منهم أن يعينوا عليهم حاكما يرجعون إليه في اتخاذ أي قرار، فوافقوه على هذا الرأي وبالفعل نفذوا هذا الأمر لكنهم اختلفوا فيمن سيتولى السطلة عليهم، ولمّا أعياهم الاختيار قرروا اتخاذ حاكم من مكان آخر.
أرسلوا لوالي المدينة الكبيرة التي تنتمي قريتهم إليها لكي يرسل إليهم حاكمًا غريبًا عنهم، فسخر الوالي من هذا الأمر وقرر أن يلقنهم درسًا، فأرسل لهم شخصا من قرية كانت بينهم وبينها عداوة قديمة لكنهم نسوا هذا واختلطوا معا في مشاغل الحياة وأمورها. قدم هذا الحاكم الجديد على القرية لكنه لم يختلط بالسكان ولا تعرف على أهلها، ظنه أهل القرية يعاني من رهبة الحكم لأول مرة أو لأنهم غرباء عنه، فقرروا ترك فرصة له لكي يختلط بهم.
نام القرويون أمنين إلا أن أحد السكان وكان عاقلا ارتأى أن هذا تصرف غريب لحاكم، فراقبه ولم ينم، لاحظ هذا القروي أن الحاكم يدبر في الخفاء للاحتلال القرية من أعدائها السابقين، سلب كل ما فيها لصالح تلك القرية، كما لاحظ استعداده لإهلاك القرويين إن تطلب الأمر. حذر القروي الأمين أهل القرية فاستعدوا واتخذوا لهم أماكن أمنة، فلما طلع الصباح لم يجد ذاك الغريب أي من السكان فوجئ بارتداد تدبيره عليه ففر هاربا ولم يعد، وقرر أهل القرية أن لا ينصبوا أي غريب عليهم بعد هذا اليوم. وتعلموا ان التعاون والاختيار الاصلح يتم بموافقة الجميع واختيار الأصلح من أهل القرية لا من خارجها.