في شباك العصافير مجموعة قصصية للاسير المحرر وليد الهودلي وهي من سلسلة أدب السجون التي تحمل الرقم 14 والتي تصدرها وزارة الثقافة في السلطة الوطنية الفلسطينية.
المجموعة على العموم كتبت بنفس طيب ونية سليمة وباعث محبب ولغة بسيطة، والمجموعة يُعد لها في باب المناقب الجيدة انها تطلعنا على خط خاص من أدب السجون وهو الادب ذي الاستعارات والتشبيهات والتصويرات الدينية؛ مثل ثغر من ثغور الاسلام ص 143، فالله جل جلاله لا يكلف نفسا إلا وسعها ص 141، فككت رقبتي من الدنيا ومتاعها الزائل ص 140 فالعين تدمع والقلب يحزن ص 138، وراح يتذوق من المعاني الايمانية ص 134.
وهي مصطلحات ذات لغة تقريرية وانشائية وغير مستخدمة في عموم الادب الفلسطيني بهذه السطحية، ولا ضير من ورودها ان كان صاحبها يعتقد انه جاء بشيء جديد، لكن ما هو مطلوب وضروري في هذه المصطلحات عند استخدامها ان تعرف معنى الوطن جيدا وتقف على حدوده، أما بقية الثغور في بقية ديار الاسلام والوقوف عليها فلقد لمسه جيدا أهل افغانستان وشعبها أكثر من أي أحد آخر. ورغم ان هذا الخط الادبي ما زال ضحلا وسطحيا كثيرا لاعتبارات كثيرة ليس هذا مكان مناقشتها؛ إلا ان هذه المجموعة تشكل اضاءة جيدة لدراسة هذا الخط الصاعد حاله من حال التيار الديني الذي يمثل.
المجموعة بقصصها الستة عشر متنوعة تتناول عذابات الأسر والاعتقال واثرها على الحياة الاجتماعية للافراد والاسر، وتتناولها بزوايا انسانية متعدد بحيث نجحت مجموع هذه القصص بالتقاط صور هذه المأساة من عدة زوايا وتقديمها من خلال وجهات نظر متعددة.
تضم هذه المجموعة قصصا محكية تلامس حدة الوجع الصارخ الذي يتسبب فيه الاعتقال والاحتلال، وهذه ما نجح الكاتب في تجسيده ونقله إلينا بصور معبرة وبسيطة، وهذا كله وأكثر تتلمسه وأنت تطالع مجموعته القصصية بعناوينها المختلفة: في شباك العصافير، هندسة الهروب، زيارة الى عسقلان، توبة مجنون، دموع مكبوتة، مجاهدة وذئاب، اعرف عدوك، المعبر الآمن، عمران واليمامة، كل اتفاق وأنتم بخير، ساعة الصفر، زيارة غريبة، شهيد العيادة، راية تحت الاقدام، أب بالمراسلة، خطوبة في مهب الريح.
هذه المجموعة القصصية تعد حلقة من حلقات السلسلة التي انتجها وليد الهودلي فيما يصنف بأدب السجون، والتي بلغت خمسة عشر مؤلفا ما بين رواية ومجموعة قصصية، حاول فيها رسم مساحة من مساحات هذا المشهد، وهذه بدورها نقلت مجموعة من الاحداث الواقعية كان الصدق عنوانها، ولم ينجو من همزه ولمزه أحد. وجب ان نقول بأن حالنا كحال وزارة الثقافة الفلسطينية نشجع ونحترم كل قلم فلسطيني ينقل ويصور ويرسم معالم الوجع الفلسطيني ويساهم بنشره للعالم، علاوة على مساهمته بحفظ هذه الذاكرة من الغياب والذوبان، وإن كان على طريقته الخاصة واسلوبه الخاص، لكن حتما ليس على حساب الاوطان.
بقي ان نعرج على بطاقة السيرة الذاتية للاسير المحرر وليد الهودلي والتي جاء فيها (حسب موسوعة ويكيبيديا) نبذة تعريفية شاملة والتي تفيد بأن صاحبنا وليد إبراهيم عبد الله ولد في السابع من تموز- يوليو 1960، في مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين، شمال مدينة رام الله، لعائلة فلسطينية من قرية العباسية، ويرجع أصله إلى العباسية قضاء مدينة يافا، وهو خريج معهد المعلمين في رام الله. أنهي المرحلتين الدراسيتين الابتدائية والإعدادية في المخيم؛ والثانويّة في رام الله.
وتشير موسوعة الويكيبيديا أيضا الى ان صاحبنا عمل في حقل التدريس أربع سنوات وبأنه اعتقل مع الانتفاضة الأولى سنة 1990 على خلفيّة فعاليات انتفاضة.
وحكم عليه في محكمة عسكريّة بالسجن الفعلي 12 سنة؛ وتم إطلاق سراحه سنة 2002.. عمل صاحبنا طيلة فترة الاعتقال في العمل الثقافي والتعبوي داخل السجون.
وقضى أغلب فترة سجنه في الكتابة الأدبية حيث خرج من السجن بثلاث روايات وسبع مجموعات قصصية، وشارك في بعض الأبحاث والدراسات ومراسلات صحفيّة في كتابة القصة القصيرة والمقالة السياسية.
طبع روايتان ومجموعتان قصصيتان بالإضافة إلى مجموعتين للفتيان والبقيّة قيد الطباعة. شارك في تحرير مجلة؛ ورئيس تحرير لمجلة “نفحة” التي تعنى بشؤون الأسرى والمعتقلين. حصل على شهادة في مسابقة الإعلام والصحة والمرتبة الثانية في الكتابة تحت عنوان الصحة والمرض في السجون والمعتقلات. شارك في جمعيّة أنصار السجين كمتطوع في أنشطة هذه الجمعيّة .. صدر له عن مركز البراق للبحوث والثقافة/ البيرة – فلسطين/2004؛ كتاب بعنوان “منارات”... ومن مؤلفاته:
- مدفن الأحياء 1998 (رواية)
- الشعاع القادم من الجنوب 1999 (رواية)
- ستائر العتمة 2000 (رواية)
- ليل غزة الفسفوري (رواية)
- أبو هريرة في هداريم (مجموعة قصصية)
- مجد على أبواب الحرية (مجموعة قصصية)
- أحد أحد تحرق ستائر العتمة وهي استكمال للطريق الذي بدأته ستائر العتمة
- مجد على بوابة الحرية (رواية)
- رحلة عالم مدارج السالكين (دراسة)
- أذكار الأحرار (دراسة)
- لا تصدق كل ما تسمع..
هذا فيض من غيض لسيرة كاتب واديب فلسطيني مناضل جعل من الاسر نافذة يُطل منها على الحرية ولم تفلح كل قيود السجان في حبس كلماته ... فطوبى لوليد ولأمثاله من حملة مشعل الحرية...