هو ازدحام الذاكرة، مع برد الشتاء واشتداد الحصار، ازدحام الدم في أفق الرؤيا والرماد، وازدحام الفضاء بالفضاء، ينتقل المشهد باقتراب قمة العام إلى ما تراكم من لحمنا وازدحم في عيوننا وحاصر آفاقنا، ازدحام يبدّد برد المشهد ويتجاوز المناخ.
على وهج ذكرى الانتفاضة الأولى يتجدّد زيت الروح، ونستدفئ قليلاً بقامتنا العالية، ولُحمتنا الغالية وإمكانيات اشتعالنا من جديد، ولو لم تمسسنا نار، ولو كانت نار التتار التي أسموها في مثل هذا الوقت من مجمع العامين الرصاص المسكوب.
نار تحرق أجسادنا وضمائرهم، تضيء أرواحنا وتطفئ الإنسان فيهم، تُعلينا وإن أدمتنا، وترفع جرحنا أجنحةً وملائكة في المجال، وتكشف عوراتهم وما حرصوا أن يستروه من سوءاتهم، لينصب عليهم كما أرادوه لنا، رصاصاً مسكوباً على رؤوسهم، وأجنحةً سوداء تُظلم آفاقهم.
يفرون من مطارٍ إلى مطار خشية نار الضمير الذي يلاحقهم، مجرمين ومجرمين ومجرمين، يزحمون في خزيهم وينسكبون في لصوصيتهم وحقدهم، حاخاماتٍ وجنوداً مستوطنين، في بهاء ميلاد الفلسطيني المسيح الذي ظنّوا أنهم صلبوه، في ذكرى ميلاده المجيد ها هو يُبعث لعنةً عليهم من جديد.