17 أفريل يوم الأسرى الفلسطينيين..

الأولوية القصوى..إنقاذ المظلومين من المحرقة الصهيونية

بقلم د. حسن العاصي أكاديمي وكاتب فلسطيني

 


آلاف المعتقلين في سجون الصهاينة يتعرضون لأبشع تعذيب


الكيان الصهيوني لا يصرّح بأعداد الأسرى.. ويرفض تسليم جثامين المتوفين

الإعدامــــــــــــــــات الميدانية لعائلات الأسرى.. انتهاك صارخ لجميع الأعراف الانسانيــــــــــــــــــــــة

يُحيي الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، الموافق للسابع عشر من أفريل من كل عام، بعد أن اعتمده المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 يوماً وطنياً لتحرير المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، لتوحيد جميع الفعاليات لدعم نضالهم وحقهم المشروع في التحرر من زنازين الاحتلال، واستعادة حياتهم الطبيعية. ومنذ ذلك التاريخ، أصبح يوم الأسير الفلسطيني يوماً يُحييه الشعب الفلسطيني سنوياً أينما وجد، في فلسطين والشتات، بطرق وأشكال مُختلفة، لتذكير العالم بالمعتقلين الفلسطينيين ومعاناتهم وما تُمارسه الفاشية الصهيونية ضدهم. حيث تشمل انتهاكات الكيان الصهيوني أبشع أشكال التعذيب.


انتهاك صارخ لجميع المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية، وخاصة القانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف الرابعة، ومبادئ حقوق الإنسان، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. لقد تم اختيار يوم السابع عشر من أبريل لإحياء ذكرى يوم الأسير، إذ شهد إطلاق سراح أول أسير فلسطيني، محمود بكر حجازي، ضمن أول صفقة تبادل أسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني. كما أقرت القمة العربية العشرون، أواخر مارس 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم سنوياً في جميع الدول العربية، تضامنًا مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني.
لـــن نـــنـــسى ولـــن نـــغــــفـــــــر
في هذا اليوم، يستذكر شعبنا معاناة وآلام آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون العدو الصهيوني، وتضحياتهم وبطولاتهم في دحر السجان الصهيوني، مجددين عهد الوفاء والتضامن معهم حتى تحريرهم من سجون الاحتلال.
لقد أفادت منظمات معنية بشؤون الأسرى أن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني تجاوز عشرة آلاف معتقل، بينهم 29 أسيرة حتى تاريخة، وأكثر من 270 طفل، مع العلم أن هذه الأعداد لا تشمل جميع معتقلي غزة الذين يقبعون تحت طائلة جريمة (الإخفاء القسري). وفي ورقة حقائق أعدتها واطلعت عليها منظمات معنية بشؤون الأسرى حول ما يواجهه المعتقلون منذ السابع من أكتوبر، ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 4660 معتقلاً حتى بداية أبريل،. بالإضافة إلى الارتفاع الحاد في عدد المعتقلين المرضى، بلغ عدد المعتقلين الذين يصنفهم الاحتلال “مقاتلين غير شرعيين” 849 معتقلاً، وبلغ عدد الصحفيين المعتقلين 56 صحفياً على الأقل، منهم 45 اختُطفوا بعد السابع من أكتوبر، وما زالوا قيد الاعتقال، بينهم 4 صحفيات. كما بلغ عدد المعتقلين القدامى 21 معتقلاً بعد استشهاد الأسير وليد دقة نتيجة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال بعد أن أمضى 38 عاماً في سجونه، رغم انتهاء محكوميته في فبراير من العام 2023. أقدم المعتقلين هو محمد الطوس من بلدة الجبعة بمحافظة بيت لحم، والمعتقل منذ عام 1985.
ويبلغ عدد المعتقلين المحكومين بالسجن المؤبد نحو 600 معتقل؛ وأعلى حكم أصدره الكيان الصهيوني هو بحق عبد الله البرغوثي، المحكوم عليه بـ 67 مؤبداً، يليه إبراهيم حامد بـ 54 مؤبداً.
بلغ عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال منذ عام 1967، 452 أسيراً، بعد استشهاد 16 أسيراً مؤخراً داخل سجون الاحتلال نتيجة التعذيب والإهمال الطبي. ولا يشمل هذا العدد جميع الأسرى الذين استشهدوا بعد السابع من أكتوبر، إذ يرفض الكيان الكشف عن أسمائهم وأعدادهم. وهناك 37 أسيرًا متوفى أو قتيلًا لا يزال الكيان الصهيوني يرفض تسليم جثامينهم، من بينهم أنيس دولة، المحتجز جثمانه منذ عام 1980.
كما اختطف جيش الاحتلال 9270 فلسطينيًا في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، منذ السابع من أكتوبر 2023، من بينهم حوالي 275 امرأة، و520 طفلًا، و66 صحفياً، من بينهم 45 صحفياً صدرت بحقهم أوامر اعتقال إداري دون تهمة أو محاكمة. ولقد رافقت حملات الاعتقالات المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني منذ السابع من أكتوبر، تصاعدًا في الجرائم والانتهاكات، شملت الضرب المبرح والتعذيب والتهديد للمعتقلين وعائلاتهم، وتخريباً وتدميراً واسع النطاق لمنازل المواطنين وممتلكاتهم، ومصادرة مركباتهم وأموالهم ومصاغهم الذهبية، بالإضافة إلى تدمير هائل للبنية التحتية، لا سيما في طولكرم وجنين.
كما نفذ جيش الاحتلال إعدامات ميدانية طالت أفرادًا من عائلات المعتقلين، وصعّد من عمليات التحقيق الميداني. لا تشمل هذه الأرقام معلومات عن عدد المختطفين من قطاع غزة، نظراً لاستمرار الإبادة الجماعية ورفض الاحتلال الكشف عن أي معلومات، بالإضافة إلى سياسة الإخفاء القسري التي تنتهجها، مع أن أعدادهم تُقدر بالآلاف. كما اختطف الجيش مئات العمال من قطاع غزة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى مواطنين من غزة كانوا يتلقون العلاج في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
في الـــضـــفـــة الـــغـــربــــيـــــة
منذ بداية الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة، شنّت قوات الاحتلال الصهيوني، نظام الفصل العنصري، حملة عقاب جماعي عبر اعتقالات تعسفية جماعية بحق الفلسطينيين. ووفقاً لإحصائيات نادي الأسير الفلسطيني في الأسبوع الأول من أبريل، اعتُقل 8095 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ أكتوبر.
وأوضح بيان مشترك صدر مؤخراً عن نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى المحررين أن العديد من المعتقلين تعرضوا “للضرب المبرح والتهديدات ضد المعتقلين وعائلاتهم، وتخريب وهدم منازلهم”. ليس الاعتقال الجماعي للفلسطينيين أمراً جديداً، لكن الموجة الحالية غير مسبوقة. ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة الضمير عام 2017، سُجن أو احتجز الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني على مدار الخمسين عاماً الماضية. (من إجمالي عدد السكان الفلسطينيين البالغ 5.5 مليون نسمة في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية). حوالي 40% من الرجال والفتيان الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الصهيوني حُرموا من حريتهم مرة واحدة على الأقل في حياتهم. وعانت كل عائلة فلسطينية تقريباً من سجن أحد أحبائها.
في غـــــــــــزة
منذ بداية الإبادة الجماعية الصهيونية، اختفى قسراً أو أُخذ عدد غير معروف من الفلسطينيين في غزة كرهائن. إليكم لمحة عما نعلمه:
في 8 ديسمبر 2023، أظهرت لقطات، تحققت منها منظمة العفو الدولية، أكثر من 100 رجل وفتى فلسطيني جُردوا من ملابسهم الداخلية، معصوبي الأعين، ومقيّدين، وأُجبروا على الركوع في شمال غزة. ومنذ ذلك الحين، ظهرت صور مماثلة مراراً وتكراراً. في 18 ديسمبر 2023، نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية مقالاً يكشف عن احتجاز مئات الفلسطينيين من غزة في مركز احتجاز بالقرب من بئر السبع في صحراء النقب. احتُجز العديد منهم لأسابيع، معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي معظم اليوم. وفصّل التقرير مقتل العديد من الفلسطينيين في الأسر في هذا المرفق. في أعقاب حصار الكيان الصهيوني الأخير لمستشفى الشفاء في غزة، الذي استمر أسبوعين، والمذبحة المروعة التي راح ضحيتها مئات الفلسطينيين، والذي بدأ في 18 مارس 2024، لا يزال العديد من الفلسطينيين يبحثون عن أفراد عائلاتهم، غير متأكدين مما إذا كانوا قد قُتلوا على يد القوات الصهيونية أم أُخذوا رهائن في مركز اعتقال. في 4 أبريل 2024، نشر طبيب صهيوني رسالةً تُفصّل خضوع معتقلين فلسطينيين لعمليات بترٍ منتظمة بسبب إصابات ناجمة عن الأصفاد في سدي تيمان، بئر السبع، وهو ما وصفه المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان بخليج غوانتانامو جديد.
وفصّلت الرسالة التعذيب الشديد وغير المسبوق واسع النطاق والممنهج للرهائن الفلسطينيين، وذكر الطبيب أن: “المعتقلين يُطعمون بقشّات، ويتغوّطون في حفاضات، ويُحتجزون في قيودٍ دائمة”. في 15 أبريل 2024،
 أفاد تحقيقٌ أجراه مركز الميزان لحقوق الإنسان أنه منذ السابع من أكتوبر، اعتقلت القوات الصهيونية أكثر من 6000 فلسطيني من غزة، بينهم رجال ونساء وأطفال وكبار في السن.
وأوضح التقرير أن المعتقلين “يتعرضون لأشكالٍ متعددة من القسوة والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة منذ لحظة اعتقالهم وحتى انتهاء فترة احتجازهم في مراكز الاستجواب”. في استنتاجاته، أوضح مركز الميزان ما يلي: تنص المادة الثانية (ب) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 صراحةً على أن إلحاق أذى جسدي أو نفسي جسيم بأعضاء الجماعة يُعدّ فعلاً من أفعال الإبادة الجماعية، مما يضعه في إطار جريمة الإبادة الجماعية. كما أن التعذيب الممنهج والواسع النطاق الذي يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون لدى الكيان يُشكل جرائم ضد الإنسانية من تعذيب واضطهاد. ويدعو مركز الميزان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال عاجلة بحق جميع الأفراد المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم الفظيعة أو إصدار أوامر بارتكابها.
الــضـــرورة الــقــصــوى لــلــتــحــرّك
ردًا على الإجراءات الصهيونية الوحشية المتواصلة لقمع وتعذيب الأسرى والرهائن الفلسطينيين، ندعو حركة المقاطعة إلى تصعيد جميع حملات المقاطعة ضد الكيان الصهيوني، وخاصةً حملتي – مقاطعة- HP و- لا- للتكنولوجيا من- أجل- الفصل- العنصري، نظراً لتواطؤ HPE وجوجل وأمازون المباشر في جرائم الاحتلال ضد أسرانا ورهائننا.
توفر شركة HP Enterprise خوادم وخدمات تخزين بيانات وأمن بيانات للسجون الصهيونية، حيث يُحتجز الأسرى السياسيون الفلسطينيون والأطفال كرهائن في ظروف لا إنسانية، ويتعرضون للتعذيب في كثير من الأحيان. في عام 2017، تعاقدت HPE مع الشرطة الصهيونية لصيانة أنظمة مؤتمرات الفيديو. وفي عام 2021، تعاقدت HP مجدداً مع الشرطة الصهيونية لصيانة خوادمها حتى عام 2024، بقيمة 5 ملايين شيكل. إن شركات التكنولوجيا مثل جوجل، مايكروسوفت، وأمازون، متواطئة بشكل مباشر في الاعتقال والتعذيب الصهيوني والواسع النطاق للفلسطينيين.
يوفر مشروع نيمبوس منصة سحابية للإبادة الجماعية الصهيونية المُبثة مباشرةً عبر الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية وتعذيب الأسرى والرهائن الفلسطينيين، انضموا إلى حملة  NoTechForApartheid للضغط على جوجل ومايكروسوفت وأمازون لإنهاء هذا التواطؤ الإجرامي من خلال سحب الاستثمارات والمقاطعة، كلما أمكن، من بين إجراءات استراتيجية أخرى. في ظل هذه الخلفية من القمع الصهيوني الشديد، نحتاج إلى تضامنكم الجاد للرد.
بدعمكم، تُحدث حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تأثيراً غير مسبوق في عزل نظام الفصل العنصري الصهيوني الاستيطاني الاستعماري، والشركات والمؤسسات التي تُمكّن جرائمه ضد السكان الفلسطينيين الأصليين. لإظهار تضامنكم الجاد مع الأسرى الفلسطينيين عليكم الضغط على حكومتكم وبرلمانكم لفرض حظر أمني وعسكري فوري على ما يسمى: دولة الكيان!!، كما دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وعشرات خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة. يجب أن يشمل ذلك بيع ونقل الأسلحة والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، وقطع التمويل العسكري في حالة الولايات المتحدة، وحظر استيراد الأسلحة وبرامج التجسس الصهيونية، ومنع المشاريع العسكرية والأمنية المشتركة. أعلنوا مجتمعكم، أو نقابتكم، أو جمعيتكم، أو كنيستكم، أو مكان عملكم، أو حكومتكم/اتحادكم الطلابي، أو مجلس مدينتكم، أو مشروعكم التجاري، أو أي منظمة أخرى، منطقة خالية من نظام الفصل العنصري (AFZ)، واستبعدوا الشركات المتواطئة فيه.
تحركوا الآن ضد هذه الشركات التي تستفيد من الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. إن إنهاء جميع أشكال التواطؤ الحكومي والشركاتي والمؤسسي مع نظام الإبادة الجماعية الصهيوني أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. فإن حياتنا وسبل عيشنا تعتمد عليه حرفيًا.
قاطعوا جميع الفعاليات الأكاديمية والثقافية والرياضية والسياحية في الكيان في ظل نظام الفصل العنصري، أو التي تدعمها/يرعاها الكيان الصهيوني (أو جماعات الضغط التابعة لها والمؤسسات المتواطئة معها).
انضموا إلى حملة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) أو إلى مجموعة استراتيجية للتضامن مع فلسطين بالقرب منكم للعمل بشكل جماعي وفعال.
اكشفوا عن التجاهل شبه الكامل من قِبل وسائل الإعلام الرئيسية لمعاناة آلاف الأسرى والرهائن والمختفين الفلسطينيين، متخدّين تحيّزهم الصارخ وعنصريتهم ونفاقهم، ومطالبين بتغطية عادلة. ندعوكم اليوم للضغط على مسؤوليكم المنتخبين من خلال التواصل المباشر أو العمل المباشر، لمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة القادة الصهاينة بشكل عاجل بتهمة الإبادة الجماعية والفصل العنصري وجرائم الحرب في غزة. وجّهوا غضبكم الأخلاقي نحو استراتيجية تضامنوا معنا وتحركوا من أجل – تحريرهم- جميعاً وإنهاء – الإبادة- الجماعية- في- غزة! كما فعلت المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد بعد مقاطعتها الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي في الشركة مصطفى سليمان، احتجاجاً على “تورط الشركة في عقود تكنولوجية مع الجيش الصهيوني”، خلال احتفال مايكروسوفت بمرور 50 عاماً على تأسيسها.

شهادات لبعض الأسرى الفلسطينيين
أدلى فلسطينيون أُسروا/رهائن من الضفة الغربية وغزة بشهاداتٍ تُفصّل انتهاكاتٍ وتعذيباً مُريعاً وسادياً على يد سجانيهم الصهاينة، بما في ذلك الضرب، والإساءة اللفظية، والاعتداء الجنسي، والاغتصاب، وكسر الأطراف، والحروق، والتجريد من الملابس، والإجبار على تعاطي المخدرات. وليد أنور يوسف الخليلي، مُسعف في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية (PMRS) من مدينة غزة: قبل بدء تحقيقهم، أُجبرتُ على تناول حبة مُهلوسة.
شدّ الملثمون يديّ بقوة إلى الخلف، مما سبب لي ألماً شديداً، وأغمي عليّ لبعض الوقت. ثم بدأوا التحقيق معي، ووجّهوا إليّ نفس التهم، وهي انتمائي لحماس، ومشاركتي في أحداث 7 أكتوبر كعضو في قوات النخبة في كتائب القسام. أنكرت كل ذلك، فأجبروني على وضعية الشبح (أي تكبيل يدي ورجلي بالكرسي) حتى تمنيت الموت، راجيًا تخفيف الألم والمعاناة. استمر هذا الوضع لساعات متقطعة، ثم أجبروني على الخروج إلى الساحة لبعض الوقت وأنا مقيد اليدين. كلما حركت يدي، كانت الأصفاد تضغط على معصمي، مسببةً إصابات وعلامات. ثم أعادوني إلى غرفة التحقيق وأجبروني على وضعية الشبح مجددًا، ولكن هذه المرة قيدوني بالباب لساعات. رمزي العباسي، أسير فلسطيني من القدس، أُفرج عنه من سجون الاحتلال الصهيوني في نوفمبر 2023: تركتُ ورائي 7000 أسير في ظروف قاسية للغاية... تعرضنا لسوء معاملة مستمر بطرق لا تُصدق. تعرضنا للضرب في كل مكان... وخاصةً في سجن النقب. سجن النقب أشبه بمقبرة. يوجد في سجن النقب أكثر من 3000 أسير. بعضهم كُسِرت أرجلهم، وبعضهم كُسِرت أذرعهم... الوضع مُدمر نفسيًا وجسديًا ونفسيًا... يتعرض السجناء للإساءة. يتعرضون للضرب المستمر، والاعتداء الجنسي، والاغتصاب. لا أبالغ، السجناء يتعرضون للاغتصاب.
السُّجناء السياسيون الفلسطينيون بالأرقام
وفقًا لإحصائيات صادرة عن مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، يوجد حالياً أكثر من عشرة ألاف سجين سياسي فلسطيني (4900 في عام 2023) في السجون ومراكز الاحتجاز الصهيونية. يشمل هذا العدد حوالي 3660 “معتقلًا إداريًا”، وهم أولئك الذين اعتُقلوا بناءً على “أدلة سرية” لا يُسمح لهم ولا لمحاميهم بالاطلاع عليها أو دحضها في المحكمة. إضافة إلى احتجاز الآلاف خلال الأشهر القليلة الماضية والذين لا تُعرف أعدادهم ولا يصرح الكيان بأوضاعهم أو أماكن احتجازهم. كما يُحتجز في زنزانات صهيونية 200 سجين طفل فلسطيني (160 في عام 2023)، تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، و80 سجينة فلسطينية (30 في عام 2023). وفي 15 أبريل 2024، أفاد تحقيقٌ أجراه مركز الميزان لحقوق الإنسان أن القوات الصهيونية اعتقلت منذ 7 أكتوبر أكثر من 3000 فلسطيني من غزة، بينهم رجال ونساء وأطفال وكبار في السن.
قتل بطيء للأسرى الفلسطينيين
استُشهد العديد من الأسرى الفلسطينيين في الزنازين الصهيونية نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد والقتل البطيء التي تنتهجها سلطات الاحتلال. فيما تواصل سلطات السجون الصهيونية تجويع أكثر من 9100 أسير، بينهم نساء وأطفال ومرضى. إن التجويع هو أخطر سياسة تنتهجها سلطات الاحتلال الصهيوني منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى التعذيب والانتهاكات. نشر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، ومقره جنيف في فبراير، شهادات من معتقلين فلسطينيين أُفرج عنهم مؤخراً، تشير إلى أن الجيش الصهيوني سمح لمجموعات من المدنيين الصهاينة بمشاهدة تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، وتصوير الجرائم بهواتفهم.
وذكر أن الأسرى الفلسطينيون يتعرضون لـ«التجويع والتعذيب والإساءة” وأفاد التقرير بأنه “سُمح لمجموعات تتراوح بين عشرة وعشرين مدنياً صهيونيا في وقت واحد بمشاهدة وتصوير الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بملابسهم الداخلية وهم يضحكون، بينما كان جنود الجيش الصهيوني يُخضعونهم للاعتداء الجسدي”. شملت هذه الاعتداءات “ضربهم بهراوات معدنية وعصّي كهربائية وسكب الماء الساخن على رؤوسهم. كما تعرض المعتقلون لاعتداءات لفظية”.
وقال خبراء من الأمم المتحدة إنهم “يشعرون بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن أيضًا لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط من الجيش الصهيوني”. وأضافوا “وردت أنباء عن تعرض اثنتين على الأقل من المعتقلات الفلسطينيات للاغتصاب، بينما وردت أنباء عن تعرض أخريات للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي”. كما أشاروا إلى أن “صورًا لمعتقلات في ظروف مهينة التقطها الجيش الصهيوني ونشرها على الإنترنت”. كما يتعرض الأسرى والأسيرات للضرب والتفتيش العاري.
الأسرى الأطفال
قدّم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة أدلة اليوم إلى مجلس حقوق الإنسان بشأن الأطفال الفلسطينيين المحتجزين. وتشير التقديرات إلى أن هناك ما بين 1000 و1500 طفل محتجز لدى الجيش الصهيوني كل عام. الأطفال هم أول من يعاني في أي صراع. وتؤكد منظمة “أنقذوا الأطفال” أن هذه الممارسات تُشكّل مصدر قلق رئيسي وطويل الأمد في مجال حقوق الإنسان، وتدعو حكومة الصهاينة إلى إنهاء احتجاز الأطفال الفلسطينيين بموجب القانون العسكري ومحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية. منظمة “أنقذوا الأطفال” التي قدمت استشارات نفسية لما يقرب من 730 طفلاً محتجزاً سابقاً من جميع أنحاء الضفة الغربية، ووجدت أن معظم الأطفال يتعرضون للضرب وتقييد الأيدي وتعصيب العيون أثناء الاعتقال من قبل الجنود الصهاينة. كما يُستجوبون في أماكن مجهولة وغالباً ما يُحرمون من الطعام والماء والنوم، أو من الوصول إلى محامٍ، وفقاً للبحث. والجريمة الرئيسية المزعومة لهذه الاعتقالات هي رمي الحجارة، والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن 20 عاماً للأطفال الفلسطينيين.
خليل الذي احتُجز عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، قال إنه لم يتلقَّ الرعاية الصحية الأساسية: “أصبتُ بإصابة في ساقي، وكنتُ مُجبّرًا، واضطررتُ للزحف لأتمكن من الحركة. شعرتُ بجسدي يتمزق. لم يكن لديّ عكازات لأمشي، وظللتُ أطلب المساعدة من الجنود أثناء نقلي، لكن لم يُساعدني أحد.” يأتي البحث الجديد في أعقاب تقرير منظمة “أنقذوا الأطفال” لعام 2022 بعنوان “عُزّل”، ويكشف أن تأثير الإيذاء الجسدي والنفسي أثناء الاحتجاز قد ازداد بشكل حاد، مع عواقب وخيمة على قدرة الأطفال على التعافي. وأضاف خليل*: “هددني الجندي بالقتل عندما اعتقلني للمرة الثانية. سألني: “هل تريد نفس مصير ابن عمك؟” لأنه قُتل. وعدني بأن أواجه نفس المصير وأموت، لكنه سيرسلني إلى السجن أولًا.
أخبرني أنه سيعود لي - وكل يوم أنتظر ذلك اليوم.” أفاد بعض الأطفال باعتقادهم أن أنواعًا مختلفة من الإساءة كانت تهدف إلى دفعهم للاعتراف بأشياء غير صحيحة لتجريم الآخرين، بمن فيهم أفراد الأسرة. قالت ياسمين*، والدة أحمد* الذي اعتُقل عندما كان في الرابعة عشرة من عمره: “أثناء الاستجواب، أقنعوا أحمد* بالإبلاغ عن أخيه مقابل إطلاق سراحه. كان ساذجًا ولم يفهم ما كان يحدث. قال ما طلبوا منه قوله؛ وبعد بضعة أيام، جاؤوا إلى منزلنا واعتقلوا ابني الآخر.”
لقد أظهرت استشارة منظمة “أنقذوا الأطفال” الجديدة ما يلي:
أثناء الاعتقال، أُصيب 42% من الأطفال، بما في ذلك جروح ناجمة عن طلقات نارية وكسور في العظام، وأُلقي القبض على 65% منهم ليلًا، معظمهم بين منتصف الليل والفجر. نصف حالات الاعتقال جرت في دار رعاية الأطفال. تعرض غالبية الأطفال لمستويات مروعة من الإيذاء البدني والنفسي، بما في ذلك الضرب (86%)، والتهديد بالأذى (70%)، والضرب بالعصي أو البنادق (60%).
أفاد بعض الأطفال بتعرضهم للعنف والإساءة ذات الطابع الجنسي، بما في ذلك الضرب أو لمس الأعضاء التناسلية، وأفاد 69% منهم بتعرضهم للتفتيش العاري. تعرض 60% من الأطفال للحبس الانفرادي لفترات تراوحت بين يوم واحد و48 يومًا. حُرم الأطفال من الحصول على الخدمات الأساسية، وقال 70% إنهم يعانون من الجوع، وقال 68% إنهم لم يتلقوا أي رعاية صحية. حُرم 58% من الأطفال من الزيارات أو التواصل مع عائلاتهم أثناء احتجازهم. غالبية الأطفال المحتجزين هم من الذكور - وهو اتجاه يعكسه الاستطلاع، حيث يمثل الذكور 97% من المشاركين.
يتزايد عدم قدرة الأطفال على العودة إلى حياتهم الطبيعية بشكل كامل بعد إطلاق سراحهم من الاحتجاز، حيث ارتفعت نسبة الأطفال الذين يعانون من كوابيس متكررة من 39% إلى 53%، وارتفعت نسبة الأطفال الذين يعانون من الأرق أو صعوبة النوم بشكل حاد من 47% إلى 73%، مقارنةً بالأطفال الذين شملهم الاستطلاع عام 2020.
كما أظهر بحث منظمة إنقاذ الطفولة كيف انخفضت رعاية الأطفال وأملهم في المستقبل من 96% عام 2020 إلى 68% عام 2023، وهي زيادة مُقلقة في سياقٍ يشهد محدوديةً في الدعم النفسي والاجتماعي.
وقال جيسون لي، المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في الأرض الفلسطينية المحتلة: “يُمثل ما يقارب 500-700 طفل فلسطيني سنويًا أمام نظام المحاكم العسكرية الصهيونية؛ وهم الأطفال الوحيدون في العالم الذين يتعرضون لملاحقاتٍ عسكريةٍ مُمنهجة. يُظهر بحثنا - مرةً أخرى - أنهم يتعرضون لانتهاكاتٍ جسيمةٍ وواسعة النطاق على أيدي أولئك الذين يُفترض أن يرعوهم.
لا يوجد مبررٌ لضرب الأطفال وتجريدهم من ملابسهم، ومعاملتهم كالحيوانات، أو حرمانهم من مستقبلهم. إنها أزمة حماية طفل لا يمكن تجاهلها بعد الآن. يجب وضع حدٍّ نهائي لنظام الاحتجاز العسكري المُسيء هذا.
حان الأوان لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين من المحرقة الصهيونية
في يوم الأسير الفلسطيني ندعو جميع الشرفاء وأصحاب الضمائر الحية في هذا العالم، وندعو منظمات حقوق الإنسان المحلية والعربية والإقليمية والدولية إلى فضح ممارسات الاحتلال ضد أسرى ومعتقلي سجوننا في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل. وتشكيل جبهة واسعة لإنقاذ الأسرى والأسيرات من المحرقة التي ينظمها ويشرف عليها الاحتلال الصهيوني. مع العلم أنه وفقًا للواقع على الأرض فإن جميع الفلسطينيين أسرى، لأنهم جميعاً ضحايا للاستعمار الصهيوني، والمشروع الصهيوني، والاحتلال العسكري، والفصل العنصري.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025
العدد 19753

العدد 19753

الإثنين 21 أفريل 2025