كشف علي موسر المدير الفني الوطني الجديد لـ “الفاف”، عن ملامح إستراتيجية عمله لتكوين المدرّبين ورؤيته المستقبلية للمنتخبات الوطنية واكتشاف المواهب الكروية والرفع من مستوى الكرة الجزائرية على المديين القصير والمتوسط، معلنا بالمناسبة عن انضمام أسماء جديدة لمختلف الطواقم الفنية..وذلك خلال الندوة الصحفية التي نشّطها أمس بقاعة المحاضرات “محمد صلاح”، بملعب نيلسون مانديلا ببراقي.
واستهل موسر كلمته بتوجيه الشكر للاتحادية الجزائرية لكرة القدم ورئيسها وليد صادي، نظير الثقة والدعم اللذان منحهما له منذ بداية مهامه، كما تحدث على الدور الكبير للمركز التقني الوطني بسيدي موسى، مثمّناً المجهودات التي تبذلها “الفاف” في سبيل بناء قاعدة كروية صلبة، ومعبّراً عن رغبته في المساهمة بكل خبرته في تطوير هذه المنظومة.
وأشار المتحدث أنه لم يتسرّع في إطلاق البرامج فور توليه المسؤولية، بل فضّل أن يبدأ بفترة دراسة ومراقبة ميدانية لفهم طريقة سير كرة القدم في الجزائر، وقال: “الكرة تبقى هي نفسها في كل مكان، ولكن لكل بلد خصوصياته، ومن المهم جداً فهمها قبل إطلاق أي مشروع تطويري”.
وكشف موسر عن مشروع وطني طموح يمتد لأربع سنوات، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية تم تحديدها بعد مشاورات موسعة، خاصة على مستوى الأندية والولايات، وأوضح أنّ نجاح المشروع يتطلب انسجاماً بين الرؤية والاستراتيجية والأشخاص المناسبين لتجسيدها، مشدّداً على أهمية اختيار الكفاءات ووضع الوسائل الضرورية في متناولهم.
الأولوية للمدارس ومراكز التكوين
ومن بين النقاط الجوهرية في خطته، أشار موسر إلى ضرورة إعادة هيكلة المدارس ومراكز التكوين لتكون أكثر فاعلية، خاصة في اكتشاف المواهب من مختلف ولايات الوطن، وأضاف: “علينا ألّا نغفل أن القاعدة الأساسية التي تمثل المنتخبات الوطنية لا تتعدى 1 بالمائة من مجموع الممارسين، علينا أيضا أن نهتم بـ 99 بالمائة المتبقين الذين قد لا يصلون إلى النخبة، لكن يمكنهم أن يعيشوا تجارب كروية قيمة. وتابع كذلك: “عملنا لا يقتصر على اختيار اللاعبين، بل على بناء مجموعة متجانسة تعمل بروح الفريق وبناء منظومة قادرة على التقدم بخطى ثابتة نحو المستقبل”، وأوضح المدير الفني الوطني أنّ الاستماع إلى آراء اللاعبين وأفكارهم سيكون جزءًا أساسيا من العملية، مشدّدا على أهمية الحوار في اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالتدريب والتطوير.
وأشار موسر: “التدريب ليس أمرا بسيطا كما يتوقعه البعض لكنه مرتبط بديناميكية المجموعة، ونبحث عن لاعبين يمكنهم التعلم والتطور خاصة في الخط الأمامي، بهدف تشكيل أفضل توليفة ممكنة”. كما كشف عن انضمام أسماء جديدة إلى مختلف الطواقم الفنية للمنتخبات الوطنية، على غرار التحاق الدولي السابق كريم زياني، بطاقم منتخب الأشبال حيث سيستفيد المنتخب من خبرته، وفيما يتعلّق بالفئات الشابة، شدّد موسر على أهمية العمل المتواصل مع منتخبي أقل من 17 سنة و20 سنة، مؤكّدًا أنّ هؤلاء الشباب هم نواة المستقبل، وأنّ هناك استراتيجية واضحة لمرافقتهم وتطويرهم.
وأوضح علي موسر أنّ الفترة الحالية تشهد إطلاق نموذج جديد في تدريب المدرّبين، لا يعتمد فقط على تحديث البرامج بل على تحول جذري في فلسفة التكوين، يرتكز على جعل المدرّب أكثر فاعلية وقرباً من واقع اللاعبين، خاصة في الفئات الشابة. وأضاف قائلاً: “بدأنا بالفعل في وضع أسس هذا التغيير، من خلال إشراك المكوّنين المحليّين، الذين يشكلون النواة الحقيقية للعمل اليومي”.
التكويـن بالتشـاور...
وأشار المدير الفني الوطني إلى أهمية الحوار والتفاعل مع جميع المدرّبين، لما يملكونه من خبرة ميدانية وتصوّر واضح لاحتياجات اللاعبين في المناطق المختلفة، وأكّد أنّ هناك عملا تشاوريا سيبدأ فعليا يوم 27 و28 أفريل الجاري، مع مسؤولي المديريات الجهوية لوضع خطط تدريبية مستمرة وعملية.
وخلال حديثه، أبرز علي موسر التوجّه نحو إنشاء بيئة تدريبية أكثر تفاعلا، تعتمد على الجودة لا الكمية، كما شدّد على ضرورة أن تكون المدارس مراكزا للتعاون، تمكّن الطفل من خوض تجربة كروية متكاملة تشمل التكوين الفني، النفسي، والتربوي.
من بين المشاريع المستقبلية، أعلن منشّط الندوة الصحفية عن نية إطلاق أكاديميات ومدارس وطنية للتكوين، تستهدف بالأساس المناطق النائية ومناطق الظل، لاكتشاف المواهب في سنّ مبكرة، وأكّد أنّ العمل سيكون ميدانيا وفعليا بالتعاون مع الولايات والمؤسسات المحلية، مع منح الأولوية للمواهب بين سن 13 و16 عاماً.
وقال المدير الفني الوطني في كلمته بالتأكيد على أنّ التكوين في الجزائر يجب أن يستند إلى ما سماه بالقيمة الجزائرية، مضيفا: “نعلم أن نسبة قليلة فقط من الأطفال ستصل إلى النخبة، ولكن علينا أن نعد الجميع للحياة، ونمنحهم فرصا حقيقية للنجاح داخل وخارج الميدان.
وشدّد موسر في الختام على أهمية تعزيز التعاون مع مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد الكروي الوطني، بما في ذلك الرابطات، ومدارس التكوين الرياضي، وقال: “نحن نطمح إلى العمل جنبا إلى جنب مع الرابطات، ومدارس التكوين، وذلك من أجل بناء منظومة متكاملة وشاملة لكرة القدم في الجزائر.” وأضاف: “من الضروري أن نعتمد في هذه الجهود على جميع الفاعلين في كرة القدم الجزائرية، لأنّ تطوير اللعبة لا يمكن أن يتحقّق إلّا من خلال توحيد الجهود وتكامل الأدوار”.
وأردف بالتأكيد على أنّ النجاح لن يكون فرديا، بل ثمرة عمل جماعي منظم، مشدّدا على أنّ أبواب التعاون تبقى مفتوحة أمام كل من يسعى لخدمة مصلحة كرة القدم الجزائرية.
المدير الفني الوطني لـ “الفاف”..علي موسر
مشروع تقني طموح على مدى 4 سنوات
عزيز.ب

شوهد:136 مرة