«عارضت الخبراء الداعين لاستغلال الغاز الصخري بتقنية الكسر التقليدية»
حماية الأراضي الفلاحية المتاخمة للمدن والشريط الساحلي من المضاربة
دعا الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول إلى تعزيز الاستقرار واعتماد الحوكمة(التسيير الراشد) من خلال اقتصاد النفقات وتفادي تبذير الموارد قصد ضمان الانتقال من الوضعية الراهنة المتسمة بصعوبات مالية إلى أفق يتحقق فيه انتعاش النمو بفضل استثمار كافة الطاقات والإمكانيات التي تتوفر عليها المنظومة الاقتصادية خاصة الموارد البشرية الخلاقة للثروة.
بعد أن أكد أن المحروقات تبقى الحلقة المتينة في تامين إيرادات الدولة أوضح البروفيسور مبتول لدى استضافته أمس بالجريدة أن النفط يبقى الرقم الصعب في معادلة التنمية في المديين القريب والمتوسط مشيرا إلى أن تحسن سعر البرميل في الآونة الأخيرة يرجع إلى جملة من العوامل التي حفزت زيادة الطلب، وأبرزها تسجيل انتعاش محتشم لنمو الاقتصاد العالمي خاصة من جانب الصين والهند والاتحاد الأوروبي وكذا الولايات المتحدة الأمريكية، حدوث اختلال للمناخ حيث تأخر فصل الشتاء بأكثر برودة، التوترات الجيواستراتيجية خاصة بفعل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يرتقب خطابه في الأيام القادمة وتهديده بتفعيل العقوبات ضد إيران بشان المسالة النووية التي تمت معالجتها باتفاق متعدد الأطراف، إلى جانب ارتفاع حدة التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران وتطورات الوضع في اليمن خاصة بعد تعرض السعودية لهجمة صاروخية، اعتزام السعودية بيع حصة بنسبة 5 بالمائة من شركتها «أرامكو» النفطية مقابل توقع تحصيل 100 مليار دولار(العملية تأجلت إلى 2019) الأمر الذي يتطلب سعرا بمعدل أكثر من 70 دولار للبرميل وبالتالي تدفع من جانبها إلى الرفع من السعر، ديمومة تطبيق اتفاق دول منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبيك» لتخفيض الإنتاج والاتفاق مع الدول نمن خارج المنظمة بقيادة روسيا لامتصاص فائض العرض.
غير انه أضاف أن التطلع لارتفاع أكثر من هذا المعدل غير وارد إلا إذا حصلت تغيرات عالمية عميقة في وقت أعلنت فيه وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج أمريكا من الغاز الصخري سوف يتعدى إنتاج السعودية في حالة تجاوز السعر سقف الـ 70 دولار علما أن مردودية الآبار في أمريكا تقدر بحوالي 35/40 دولار للبرميل للآبار المتوسطة والصغيرة بين 60/70 دولار. وأوضح انه لإنتاج 1 مليار متر مكعب من الغاز الصخري يجب حفر 100 بئر و10ملايير متر مكعب تتطلب حفر ألف بئر فيما يقدر عمر البئر من هذا النوع من المحروقات بخمس سنوات.
وأكد مبتول انه عارض أطروحات الخبراء الداعين لاستغلال الغاز الصخري بسرعة عن طريق تقنية الكسر التقليدية مع ضخ مياه عذبة ومواد كيماوية الأمر الذي يشكل خطرا على المياه الجوفية التي لا تتجدد، مفضلا الانتظار إلى آفاق 2020/2022 حينما تظهر تطورات تكنولوجية حديثة في هذا المجال في ضوء أبحاث ودراسات تقود إلى اقتصاد نسبة المياه والتقليل من المواد المدخلة في العملية مذكرا بتصريح وزير الطاقة بأنه لن يكون هناك استغلال للغاز الصخري إلا بعد 10 سنوات على الأقل، فيما تجري عمليات الدراسة البحث المعمق لتقدير الاحتياطات بدقة والتي تصنف الجزائر في مقدمة البلدان.
بالموازاة أيد البروفيسور التوجه إلى الطاقات المتجددة خاصة الشمسية مبرزا المدى الكبير لكثافة الحرارة الشمسية في الصحراء وبالذات على مستوى عين صالح التي تمتاز بقوة حرارة شمسية هائلة. وفي هذا الإطار يمكن الرهان على الاستثمار في الطاقات البديلة الهجينة (أي الكهربائية التي توجه للاستهلاك المحلي والحرارية للتصدير) محذرا من ارتفاع مفرط للاستهلاك الداخلي مستفيدا من الدعم المخصص للطاقة خاصة بفعل الضغط الديمغرافي المتنامي ما يستدعي إرساء نموذج استهلاك طاقوي في بديل آفاق 2030 للاستجابة للطلب، موضحا أن النمو الديمغرافي يفرز كل سنة طرح بين 300 إلى 350 ألف طلب شغل مما ينجم عنه ارتفاع في نسبة البطالة إذا لم تواجه بتوفير فرص عمل إنتاجية وتحسن في وتيرة النمو الذي بلغ في 2017 نسبة 2.2 بالمائة بتقدير صندوق النقد الدولي الذي يتوقع نسبة البطالة عند 13.5 بالمائة في 2018.
وقصد تجاوز هاجس البطالة يراهن الخبير الدولي في قراءته للمؤشرات التي يرسمها المشهد الراهن على اعتماد توسيع المجال أمام المبادرة في إنشاء مؤسسات في كافة القطاعات التي يمكن أن توفر القيمة المضافة والحذر في تقديم أموال لمشاريع تفتقر للجدوى الاقتصادية مع ضرورة الحرص على حماية الأراضي الفلاحية من توسع لقطاعات أخرى قد يتعرض جراءه العقار الثمين من الأراضي الخصبة خاصة المتاخمة للمدن والشريط الساحلي للمضاربة مذكرا بتوجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد بالسهر على منع أي مساس بهذه الثروة التي تضمن حقوق الأجيال في تنمية مستدامة وشاملة.