أماط الخبير الأمني والعقيد المتقاعد عبد الحميد العربي الشريف، اللثام عن حقائق واقعية وصادمة في نفس الوقت فيما يتعلق بالاعتداء الإرهابي على منشأة الغاز بتيقنتورين جنوب الجزائر، مؤكدا أن هذا السيناريو كان الهدف منه ضرب العمق الاستراتيجي وأمن الجزائر على المدى المتوسط والبعيد .
ركز الخبير الأمني الذي كان ضيف «الشعب» على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ارتكاب جماعة الموقعون بالدماء بقيادة الارهابي مختار بلمختار الاعتداء على المنشأة الغازية بمنطقة تيڤنتورين في إن أميناس بولاية إليزي والتي تعد أكبر عملية احتجاز شملت أكثر من 800 موظف جزائريين وأجانب، حيث لا تزال الذكرى راسخة في الأذهان رغم مرور 5 سنوات ،وهي شاهدة على شجاعة الجيش الشعبي الوطني الذي استطاع إنقاذ أغلبية الرهائن والقضاء على الإرهابيين .
أكد ضيف «الشعب » أن مختار بلمختار الذي التحق بجماعة إجرامية تدعى (الجهاد) بأفغانستان مثله مثل الكثير من الشباب الجزائريين الذين تم استغلالهم لخدمة الأجندات الأمريكية وليس لديهم آية علاقة بالإسلام، مضيفا أن الجماعات الإرهابية في أفغانستان كانت لا تستعين بالجزائريين الذين التحقوا بهم في القتال بل كانوا يأخذونهم إلى أماكن خاصة في بيشاور ويعلموهم الأفكار التكفيرية والتدريب القتالي فقط لتحضيرهم للعمليات القادمة في المستقبل، وهو ما يدل على أن الاستخبارات الغربية كانت تدير العملية بطريقة احترافية لضرب الدول العربية الإسلامية في إطار الربيع العربي الذي لم يكن وليد الصدفة وإنما تم التخطيط له مسبقا .
وأضاف العقيد أن بعد عودة مختار بلمختار من أفغانستان أمير الصحراء في المنطقة التاسعة وأصبح ينتقل بين الصحراء الجزائرية والحدود الجنوبية مالي والنيجر أسس شبكة علاقات قوية ،وحقق ذلك بتوجيه من الاستخبارات الخارجية وكان يقود جماعة بسيطة مهمتها اختطاف الأجانب وطلب فدية وكانت فرنسا تقدم الفدية بسخاء وهي عملية محكمة لتمويل هذه الجماعة لضمان انتشارها في الساحل الإفريقي ،حيث كانت الأموال تسلم لهم بطريقة خطف السواح، و قبل عملية سرفال في جانفي ٢٠١٣ انتقل بلمختار في 15 ديسمبر من مالي إلى ليبيا لان مهمته انتهت بعد أن نشر الفوضى في الساحل وأعطى ذريعة للفرنسيين وفتح الطريق لهم للدخول إلى الساحل وبعد تنفيذه لاعتداء تيقنتورين وانتهاء المهام الموكلة إليه قضي عليه في نوفمبر 2016 ودفن في سبها الليبية في سرية تامة أخذ مكانه الإرهابي بطاهر رغم ان الكثيرين ينفون وفاته.
وقال الخبير الأمني أن بعد إسقاط الدولة الليبية واغتيال رئيسها معمر القذافي أصبحت المنطقة مرتعا للمخابرات الغربية، حتى لا يتعرض للقصف توجه إلى ليبيا في الحدود الشرقية الجزائرية الليبية ،كيف خطط للعملية ، والغريب أن من أعلن عن العملية أبو الوليد الصحراوي الذي انشق من جيش الصحراء الغربية وكان وراء انشقاقه المخابرات المغربية التي جعلته يلتحق بجماعة الموقعون بالدم بقيادة مختار بلمختار مشيرا إلى كل الجماعات الإرهابية تفتح الطريق لدخول القوات الأجنبية للدول المستهدفة في مقدمتها أمريكا وفرنسا وحلف الناتو.
وتساءل العربي الشريف عن أسباب ربط اعتداء تيقنتورين بالتدخل الفرنسي والإعلان بان الهدف من هذا الاعتداء هدفه توقيف عملية «سرفال» الفرنسية في الساحل ،وهو ما اعتبره غير منطقي بما أن الجزائر رفضت التدخل الفرنسي ولم تقدم آية مساعدة حتى دعمهم بالمعلومات الاستخباراتية موضحا أن ما حدث عمل عدائي موجه للجزائر لضرب العمق الاستراتيجي وأمن الجزائر على المدىين المتوسط والبعيد .
وفيما يخص الهدف الرئيس من الاعتداء على المنشأة أوضح العقيد المتقاعد أن تيقنتورين قاعدة غازية كان الغرض من الاعتداء عليها ضرب الاقتصاد باعتبارها المصدر الأساسي في دعم تصدير الغاز نحو أوروبا، مشيرا إلى أن 11 بالمائة من السوق الأوروبية للغاز الجزائري، وبعد أن فشلت الجهات الخارجية في أخد الحصة الروسية في إطار حرب الغاز، حاولت بعض القوى أخد مردود الدولة الجزائرية التي كانت مستهدفة ويتم التخطيط لتشتيتها وضربها، في ما يسمى (الربيع العربي) مع دول أخرى عربية كونها شاركت في حرب 73 ضد إسرائيل، وهو ما جعلهم يخططون إلى تقسيم الدول العربية وتشتيتها وخلق الفوضى.
وحسب العقيد فان ضرب قاعدة الغاز تيقنتورين كان هدفه إخراج حصة الجزائر من الغاز التي تقدر نسبتها 11 بالمائة وتعويضها بدولة أخرى باعتبارها مصدر دخل هام بالنسبة للجزائر التي لا تعتمد على البترول فقط وإنما الغاز أيضا ، مشيرا إلى انه بالرغم من محاولات فرنسا الضغط على الجزائر وإفشال القوة العسكرية التي تم بناؤها كونها تخوفت من عودة الجزائر بقوة في إفريقيا إلا أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها.