خاض وزير المجاهدين الطيب زيتوني، أمس، في جملة من المواضيع والملفات التي وضعها القطاع كأولوية لخصها في محورين أساسيين يرتكز عليهما برنامج عمل دائرته الوزارية يتعلقان بتحسين وضعية المجاهدين وذوي الحقوق، وإحياء الذاكرة الوطنية لاسيما ما تعلق بالاهتمام بكتابة التاريخ والاستفادة من مختلف التكنولوجيات الحديثة بهدف المساهمة في الحفاظ عليها وتسهيل الوصول إليها ووضعها في خدمة الباحثين والمهتمين بالمادة التاريخية دون إهمال الناشئة.
أكد زيتوني خلال منتدى “الشعب” في ندوة نقاش حول “ دور الثورة الجزائرية في تقويض الفلسفة الاستعمارية وإلهام حركات التحرر الوطني “، قائلا:« ليس لدينا ممنوعات ولا طابوهات تحول دون كتابة التاريخ، وليس هناك مانع سوى ما يمس بوحدة البلاد أو بنشر الفتنة”، مشيرا إلى أن الجزائريين اختاروا طريق الشرف والحركى اختاروا طريق الخيانة والغدر وهم الآن في فرنسا وليس هناك أي علاقة معهم.
إحصاء أكثر من 2000 مفقود على يد السلطات الاستعمارية
تطرق الوزير زيتوني إلى الملفات المطروحة للتباحث والنقاش من الجانب الفرنسي من خلال تشكيل لجان مشتركة بين الطرفين، يأتي في مقدمتها الأرشيف الوطني وقد تم التقاء المؤسستين عدة مرات في هذا الإطار.
كما توقف عند ملف المفقودين حيث كشف عن إحصاء أكثر من” 2000” ألفي مفقود محصى ومسجل بملف بعد عملية مسح شاملة أولية قامت بها الوزارة، مست كل الذين كانوا بالسجون ومراكز التعذيب والمحتشدات والمربعات والمعتقلات والاختطافات المسجلة التي قامت بها مراكز الشرطة الفرنسية والدرك الفرنسيين، مشيرا إلى بعض الأسماء المطروحة على غرار موريس أودان، جيلالي بونعمانة، العربي التبسي.
يضاف إلى ذلك ملف تعويضات ضحايا التفجيرات النووية بالجنوب الجزائري وما خلفه من آثار وخيمة ما زال سكان المنطقة يعانون منها، ناهيك عن استرجاع جماجم الشهداء الجزائريين الموجودين منذ أكثر من قرن ونصف بمتحف الإنسان بباريس مثمنا دور وسائل الإعلام والوسائط الاجتماعية التي ركزت على هذا الموضوع وفضح الاستعمار الفرنسي وهمجيته.
وأوضح زيتوني أن هذه الملفات هي مطالب مقدسة للدولة الجزائرية وهي مصممة ومتمسكة بتسوية الملفات من طرف الجهات الفرنسية، والظفر بحقوقها ما سيمهد لعلاقات جيدة بين البلدين مستقبلا، وعدم الاستكانة للمناورات التي لا تخدم مطالب الجزائر.
من جهة أخرى، تحدث الوزير عن مساهمة الوزارة في إحياء الذاكرة الوطنية وتدوينها من خلال الاستعانة بخبراء وأساتذة باحثين مختصين في الحركة الوطنية أثمر جهدهم لمدة سنتين إصدار كتابين في التاريخ موجهين للناشئة لدراسة المادة الأول موجه للطور الابتدائي وتم تسليمه لوزارة التربية الوطنية للاستعانة به، وكتاب آخر موجه للطور المتوسط، ناهيك عن تسليم العديد من الإصدارات لمكتبات عديدة ومختلف المؤسسات التربوية والجامعات.
إلى جانب فتح أبواب متاحف الوزارة 43 لكل من يهتم بالاستفادة منها وما تعرضه من مادة تاريخية موثوقة المصدر لاسيما الطلبة بالإضافة الى تسجيل آلاف الشهادات، وسيتعزز ذلك بعد بناء باقي المتاحف بـ 6 ولايات بمجرد تحسن الظروف المالية للبلاد، خاصة وأن هذه الفضاءات مهيأة بكل الوسائل الحديثة التكنولوجية التي تمكن الوافد عليها من العمل في أحسن الظروف.
بخصوص جمع شهادات المجاهدين والمجاهدات الذين عايشوا الحقبة الاستعمارية أوضح أنها محل فحص وتمحيص من خبراء ومختص لجنة خاصة على مستوى المتحف الوطني للمجاهد ليتم جمعها في أقراص مضغوطة و وضعها في خدمة الباحثين والأساتذة والأبواب مفتوحة للجميع، لأن التاريخ ملك للجميع.
الذاكرة وصية قائمة وميثاق غليظ نستأنس به لبناء الجزائر
في المقابل طالب المسؤول الأول عن القطاع وسائل الإعلام بتخصيص حيز أو ركن لتسليط الضوء على التاريخ خاصة وأن كل شبر من هذه الأرض عبر كل البلديات سقط على ترابه شهداء وجرت به معارك، وهذا لمحاربة ثقافة النسيان وإحياء ما تم تجاهله، مشيرا إلى جعل التاريخ الوطني رابطة وأسمنتا مسلحا يجمع المجتمع الجزائري ما يستدعي حسبه جعل الذاكرة والتاريخ أولوية الأولويات.
في هذا السياق، شدد زيتوني على أن الذاكرة وصية قائمة وميثاق غليظ يجب أن يتم الاستئناس به من أجل بناء الجزائر، وليس مجرد هواية أو مطالعة، بحيث يجب وضع التاريخ في المكانة التي تليق به وربطه بالواقع والمستقبل فالمسؤولية الملقاة على جيل الاستقلال والأجيال القادمة هي الحفاظ على استقرار ها وأمنها والاعتناء بالتاريخ الوطني لأنه صمام الأمان.