حسم الطيب زيتوني وزير المجاهدين من منتدى الشعب محاولة البعض بعث نقاش ملغم حول الحركى قائلا بوضوح إن “الحركى اختاروا بإرادتهم طريق الخيانة ورحلوا مع الاحتلال غداة استرجاع السيادة الوطنية وهم بكل المعايير فرنسيون لا هم منا ولا نحن منهم”.
تحاول بعض الأوساط من وراء البحر توظيف مسألة الحركى في التشويش على كتابة تاريخ الثورة التحريرية الذي يجري إنجازه من خلال مسارات عديدة من جمع للشهادات في عملية أشبه بسباق مع الزمن ومسح للمواقع المخلدة للأحداث وبناء جسور التواصل مع الأجيال الصاعدة من بوابة المتاحف.
لقد ساهم الحركى (وما يخصهم هو ملف فرنسي محض) في تمديد الوجود الاستدماري وارتكبوا جرائم لا تغتفر في حق بني جلدتهم ليصنفهم الزمن في مزبلة التاريخ الذي يتقزز من ذكرهم حتى في البلد الذي خدموه حيث لا يثق فيهم المجتمع الفرنسي وينظر إليهم بحذر كيف لا وقد خانوا بلدهم الأم واعتدوا على شعبهم بشدة فاقت أحيانا بطش العساكر الفرنسيين الذين وجدوا في الحركى (البياعين) خير أداة لتعقب المجاهدين والتجسس على الجزائريين.
ومارس الحركى المدججون بالسلاح وقد تجردوا من أدنى انتماء للجزائر أعمال تعذيب وحشية بروح انتقام فاقت كل تصور في حق المجاهدين الذين وقعوا في الأسر أو الاعتقال ولم ينج من مخالبهم المدنيون بما في ذلك النساء من أعمال إجرامية بشعة ودنيئة لن يغفرها التاريخ لبقايا الحركى، وقد دفع بعضهم الثمن فور استرجاع السيادة الوطنية وتخليص شعبها المثقل بالآلام والعذاب والتشريد والتجويع والقهر من قيود الاحتلال الفرنسي البغيض.
ولا يمكن للزمن أن يسقط من سجل التاريخ أوراق أولئك الخونة بل تبقى وصمة عار في جبينهم تروى للأجيال التي تدرك بفضل ما يتم تجسيده على مستوى كتابة وتسجيل التاريخ مدى شراسة وهمجية الحركى الذين أعلنوا خيارهم في وضح النهار وانساقوا وراء فلول جيوش الاحتلال وأجهزته الجهنمية لكن هيهات أن ينالوا شرف الانتماء للجزائر ولن ينالوه إلى الأبد، في وقت تقطع فيه الجزائر مسافة تلو أخرى على طريق التطور في كل المجالات تتجه إلى المستقبل بثبات مع حرص على استرجاع كافة الحقوق التاريخية وأبرزها الأرشيف خاصة ما يخص مرحلة ثورة أول نوفمبر.