الرقمنة لتقديم المادة التاريخية في حلة جذّابة

التلقين من المدرسة والتخصّص في الجامعات

سعاد بوعبوش

 تفعيل النشاط الجمعوي للتعريف بالآثار في الميدان

دعا الدكتور مصطفى شرفاوي، المختص في علم الآثار إلى الاستفادة من مزايا الرقمنة في معالجة المادة التاريخية من خلال التعريف بصناع التاريخ، منذ بداية المقاومة الشعبية ورموزها إلى بروز الحركة الوطنية توجتها ثورة التحرير، وتقديمها في حلة جذابة تتوافق وأذواق الأجيال الصاعدة بعيدا عن السرد أو الطرح الأكاديمي الذي لا يستوعب مراميه الإنسان غير المختص لاسيما الناشئة.
اعتبر شرفاوي ضيف «الشعب»، أن الرقمنة ركيزة التواصل الوحيدة التي تعتمدها الأجيال الحديثة، ما يفرض تغيير طريقة تناول المادة التاريخية وكيفية تقديمها للمتلقي، مشيرا إلى أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على الشهادات وجمع المادة، بل يجب أن يشمل ذلك حتى الأرشيف الوطني من خلال رقمنته وجعله متاحا للبحث والتحري والاستقصاء وحتى الاطلاع، من خلال طرحه على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ولا يجب اختزاله في مادة التاريخ.
وأوضح المتحدث أن الأجيال الصاعدة معنية بقوة بالذاكرة الوطنية باعتبارها الركيزة التي تربطهم بالماضي وتحفظ هويتهم وعدم الشعور بالاغتراب، مشيرا إلى استهداف هذه الفئة يجب أن يبدأ من المدرسة التي يجب أن تنخرط هي الأخرى في التكنولوجيا أي «مدرسة رقمية»، واستخدام كل السبل والطرق والاستراتيجيات التي تجذب انتباه التلاميذ والاستفادة من تجارب الآخرين، مستدلا بتجربة أمريكا في تلقين تلاميذها مادة الجغرافيا بإدراجها في الرسوم المتحركة.
وطالب المختص في علم الآثار بالتركيز على الطور الابتدائي، وتحديدا السنوات الثلاث الأولى لتلقين العناوين الرئيسية للتاريخ الوطني لأنها المرحلة التي يكون فيها العقل قابلا لترسيخ وتثبيت المعلومات التي تتحول مع الوقت الى عناوين مفتاحية تشغلها الذاكرة متى تصادفت معها أو احتاجتها.
وبخصوص الجامعة، ركز د. شرفاوي على أهمية التخصّص في إعداد مذكرات نهاية الدراسة، واستغلالها في المكتبات كمرجع للأجيال المقبلة من الطلبة، بعيدا عن النسخ واللصق واحترام المبادئ العلمية المتعامل بها.
كما اعتبر المتحدث أن الجزائر باتباعها نهجا جديدا في معالجة ملف الذاكرة مع المستعمر القديم، وضعت لبنة أولى في سبيل الإلمام بكل ما يتعلق بالتاريخ الوطني، مثمنا استعادة جماجم رجال المقاومة الشعبية بعد ما يقرب القرنين يمثل حدثا عظيما يؤسس لجزائر حديثة متصالحة مع تاريخها وأرشيف الذاكرة.
الجامعة مطالبة بالخروج من المناسباتية
من جهته، ركز أمين بوعمامة على دور الجامعات في تناول المادة التاريخية من خلال الندوات المستمرة بعيدا عن المناسباتية، وعدم الاقتصار على ثورة نوفمبر بل الرجوع إلى كل تاريخ الجزائر دون استثناء المقومات الشعبية باعتبارها الأرضية الأولى للعمل الثوري ضد الاحتلال الفرنسي.
ودعا حفيد بوعمامة إلى تغيير مناهج تدريس مادة التاريخ، بالبحث عن استراتيجيات تعليمية أخرى لاستقطاب اهتمام الشباب الجزائري الذي لا يميل إلى القراءة، ومخاطبتهم بلغة العصر حتى يحصّنوا من المحاولات المارقة التي تستهدف التشكيك في  كل ما هو وطني، فما بالك بصناع التاريخ من رموز وشخصيات كان لها الفضل في العيش أحرارا اليوم.
وبخصوص الزوايا عبّر بوعمامة عن رفضه لكل من يروّج أنها فضاء لممارسة الشعوذة والدجل أو لنشاط آخر، مذكرا بأنها كانت الحصن المنيع الذي دافع وحافظ على الهوية الإسلامية واللغوية للجزائر، بالرغم من محاولات فرنسا طمسها وتحويلها عن مهامها، كما أنها خرّجت العديد من علماء الدين والفقهاء الذي أناروا الدرب للجزائريين فكانوا المرجعية الدينية الوطنية ، ومن بينها زاوية الشيخ بوعمامة.
وتأسّف المتحدث لحملات التشوية التي تطال في كل مرة ركنا من أركان تاريخنا، ومن ذلك الزوايا التي كانت سراجا منيرا ومنبرا لطلب العلم والذكر وإحياء السنة النبوية من طرف أشخاص عديمي المسؤولية فضّلوا أن يكونوا معول هدم لا بناء.
واقترح حفيد بوعمامة التركيز على التحسيس والتوعية والتعريف بالتاريخ الوطني، من خلال تنظيم الزيارات الميدانية إلى الأماكن التاريخية والمتاحف الموجودة بما فيها المتاحف المفتوحة على الطبيعة، من خلال التنسيق مع الجمعيات المهتمة بالتاريخ أو التي تنشط في هذا الإطار من خلال تنظيم رحلات سياحية علمية بأبعاد شاملة، خاصة في إطار وجود تفاعل وقبول من المؤسسات التربوية لمثل هذه الأنشطة المفيدة، على غرار ما تقوم به الجمعية الثقافية لأصدقاء الأطلس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024