يترتب عن التأخر في تجاوز الوضع الراهن من خلال الحوار الشامل والشفاف كلفة اقتصادية باهظة في ضوء التداعيات التي تنجر عن امتناع شركاء عن الجلوس حول طاولة النقاش لضبط مسار تنظيم الانتخابات الرئاسية وفقا لمعايير التعبير الحرّ عن الإرادة الشعبية، وتفضيل آخرون سياسة الهروب إلى الأمام بإثارة مسائل لا يمكن معالجتاه إلاّ في ظل انتخاب رئيس شرعي يتولى انجاز الإصلاحات العميقة والشاملة.
في الندوة المفتوحة التي احتضنتها جريدة «الشعب» دق ناقوس الخطر حول الوضع الاقتصادي في المدى المتوسط بالنظر لاتجاه المؤشرات من تقلص لاحتياطي الصرف بالعملة الصعبة وارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية مثلما أشار إليه أستاذ الاقتصاد معلم نور الدين، موضحا أن الأزمة الراهنة هيكلية وتتسم بالخطورة بسبب عدم التركيز في معادلة النمو على قطاعات حيوية لإنتاج الثروة وتشكيل القيمة المضافة مثل البحث والتنمية والتهيئة والتصنيع.
غير أن تجاوز هذا الخطر وهو ممكن في الظرف الراهن لتمتع البلاد بعدد من أوراق استئناف النمو، يتطلب اتجاه المجموعة الوطنية بكل تنوعها واختلاف المواقف السياسية إلى محطة الانتخابات الرئاسية كشرط جوهري للوصول إلى مفاتيح معالجة المسائل الاقتصادية متعددة الجوانب من ضرورة بعث الاستثمار المنتج وحوكمة التسيير وتعزيز بينية التحول الطاقوي بالخصوص.
وبعد ان سجل الأستاذ الانعكاسات السلبية لآلية التمويل غير التقليدي التي اعتمدتها الحكومة السابقة في ظل حكم العصابة ومنها بالأخص ارتفاع معدل التضخم وعدم القدرة إعادة التوازن للميزانية التي بقيت تعاني من العجز مما وضع المنظومة الاقتصادية في حالة «عطل»، دعا إلى انتباه الفاعلين ي المشهد السياسي ومنهم الناشطين في الحراك إلى الخطر الذي يلوح في الأفق إذا لم يتم تسوية الإشكالية السياسية عن طريق انتخاب رئيس جديد للجمهورية للانتهاء من معضلة الشرعية والتفرغ لمواجهة المسائل التنموية والتنظيمية والمؤسساتية.
ويقتضي هذا تشكل قناعة راسخة لدى كل الشركاء بضرورة انتهاج مسار يجمع الطاقات ويدمج الإمكانيات حتى يتم إحداث النقلة النوعية التي تسمح للبلاد بالانطلاق مجددا على قواعد جديدة ترتكز على قيم العمل والحوكمة وتكافؤ الفرص والأكثر أهمية أيضا التنفس النزيه الذي يسمح ببروز الكفاءات في كل المجالات.
وبهذا الصدد أشار نور الدين معلم إلى ضرورة وضع الثقة في الموارد البشرية الاقتصادية ذات الكفاءة والتميز مع نبذ الإقصاء وتوسيع نطاق الحوار وبالأخص تفادي الوقع في تصفية الحسابات، مسجلا ثقل الدور الريادي للمنظومة الجامعية في إرساء ثقافة الحوار داخل المجتمع كون الحوار كما أوضح يقود حتما إلى العثور على الحلول المناسبة والممكنة خاصة باشرا كاهل الاختصاص.
وبالموازاة مع المسار السياسي الذي يشق طريق الحل على ما تعترضه معوقات وصعوبات بفعل عدم تمييز شريحة واسعة من الحركة الاحتجاجية بين الاختلاف والخلاف فان الرقم الثابت في المعادلة هو المؤشرات الاقتصادية التي دخلت بعضها مرحلة الإنذار بالخطر، مما يستدعي وضعها في ميزان البحث عن الحل وفقا لإرادة الشعب الجزائري والمصلحة الوطنية.