أكّد على دعم الجانبين المؤسساتي والقانوني لمواجهة الفساد

سرّاي: 150 مليار دولار هُرّبت في ظرف 5 سنوات

أسامة إفراح

للفساد علاقة وثيقة بضعف مؤسسات الرقابة من جهة ومن جهة أخرى عدم مواكبة القوانين وصرامتها دون الوقوع في فخ البيروقراطية السلبية، ناهيك عن المعضلة الأخلاقية واستباحة أموال الغير وتهريبها بمختلف الطرق غير الشرعية. هي خلاصة رأي ضيفيْ «الشعب»، الخبيرين الاقتصاديين مبارك مالك سرّاي وعبد الرحمن عيّة ، بخصوص علاقة الضبابية في حركة الأموال، واهتزاز المنظومة البنكية وضعفها، ورضوخها لمختلف الضغوط، بما في ذلك البنك المركزي.
في إجابته عن سؤالنا حول العلاقة السببية بين تراجع قطاع البنوك وتنامي ظاهرة الفساد، خصوصا مع اتساع رقعة السوق الموازية والاستعمال الكثيف للأموال في شكلها الورقي، وغياب إمكانية تتبّعها وبالتالي مراقبتها، تحدث المستشار الدولي مبارك سراي عن وجود 150 مليار دولار تمّ تهريبها خارج الجزائر في ظرف 5 سنوات، وبطرق مختلفة.
واعتبر سراي أنه توجد نقاط يجب الإشارة إليها أولا: النقطة الأولى هي المؤسسات التي تراجع أداؤها وتجاوزها القانون، والجانب الثاني هو القانون وتنظيم المجال، وإذا كان القانون لا يساير التطورات فإنه سيصير عاملا معرقلا، إذن فالمرض هنا هو مؤسساتي وقانوني، أما فيما يتعلق بالأشخاص، فإن الشخص الذي لا يكون محميا بالقانون لا يكون قادرا على مواجهة الضغوط التي تمارسها اللوبيهات على سبيل المثال.
«لذلك فإن ما يجب أن نقوم به الآن هو الاهتمام بالجانبين القانوني والمؤسساتي، وأن نعمل على سد الثغرات القانونية إن وجدت»، يقول سراي، الذي حذّر من التسرّع في إصلاح المنظومة الاقتصادية، وأكد أن الأولوية هي للنهوض بالمؤسسات، على غرار البنك المركزي الذي هو ركيزة اقتصاد أي دولة وعموده الفقري، ومحافظ البنك المركزي لا يخضع لأية سلطة مهما علت.
بالمقابل، تعرّض محافظ البنك المركزي عندنا لضغوط ورغم أنه قدم تحفظات وملاحظات على الكثير من الإجراءات والقرارات التي لم يكن قابلا لها إلا أنه رضخ في النهاية: «لو كان القانون أكثر صرامة لما وقع بنك الجزائر في فخ طبع الأموال.. لقد قمنا بالتنبيه من طبع الأموال، ولكن لم يستمع أحد إلينا».
واقترح سراي إبرام عقود دولية قوية وإشراك المستثمرين الأجانب في تسيير ومراقبة المشاريع التي يشاركون فيها، فالتسيير مع الأجنبي أمر مقبول ويكون هنالك تقاسم للمخاطر، وهو من الحلول التي تمكننا من الحفاظ على نسبة نمو من 4 إلى 5 بالمائة، وتخلق مناصب عمل كثيرة.
وأضاف ساري أنه في مقابل النجاح في إنشاء بنية تحتية، اعتبر سراي أن النمو الاجتماعي هو الذي فشل فيه النظام السياسي في العشريتين الأخيرتين، ولاحظ أنه تمّ التخلّي عن المورد البشري الذي تزخر به الجزائر، والذي لم تتمّ رسكلته وتكوينه، وشدّد في هذا الصدد على التكفل بتكوين مئات الآلاف من الشباب الذين خرجوا في الحَراك الشعبي.
وبعد أن أشار إلى وجود 5 مؤسسات رقابة ولكنها مقيدة، ولها مهمات رسمية غير أنها لا تطبقها، انتقد سراي بشدة البرلمان بغرفتيه؛ أي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، فالبرلمانيون لا يمارسون دورهم الرقابي، ولا يطالبون بالتحقيق في الحالات محل الشبهة. فيما رأى أنه من الصعب جدا تقفي القروض الاستثمارية، لأن المشروع الذي استفاد صاحبه من القرض لا ينجح في بعض الأحيان، وذلك لأسباب وظروف متعددة، ولهذا السبب يتم التسامح معه.
وجدّد سرّاي مطالبته بإشراك الخبراء الاقتصاديين والماليين في جميع القطاعات، للكشف عن مساعي الفساد وتحويل القضايا إلى القضاء.
من جهته، اعتبر عية عبد الرحمن، الأستاذ بجامعة تيارت، أن الجزائر هي من أكثر البلدان التي تعتمد على التتبّع والتقفّي فيما يتعلق بالوثائق، فمن أجل تنفيذ عملية بسيطة قد نحتاج في عديد الأحيان إلى وقت معتبر. إذن فالتقفّي المادي إذا صح التعبير موجود بل وقد يتحول إلى عيب إداري وشكل من أشكال البيروقراطية، وكلما ظهر مشكل، بدل أن يُحلّ بطريقة ذكية، فإننا نختار حلا بيروقراطيا.
تكنولوجيا الإعلام والاتصال متاحة، وكمثال على ذلك، لمواجهة الفساد الكبير في مجال السكن، اقترح عبد الرحمن أن تنشر وزارة السكن قائمة المستفيدين والعفو عن من يملك 5 سكنات على الأكثر، فإن ذلك سيقضي على الأزمة في هذا القطاع. نفس الاستعمال لوسائل الاتصال هذه يمكن اعتماده في مسألة الصفقات، كما أن القانون يحمي من يكشف معلومة عن الفساد، ويعطي الحق للإعلام بكشف قضايا الفساد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024