تناول أمس الأستاذ شمس الدين شيتور خلال استضافته بجريدة«الشعب» الخلفيات الكامنة وراء الأحداث الرّاهنة التي تشهدها الجزائر على ضوء المسيرات السّلمية المطالبة باستحداث التّغيير في تسيير الشّأن العام قصد بلوغ مرحلة النّجاعة وسقف الفعالية.
وفي هذا الشّأن اعتبر شيتور بأنّ القراءة الأولية توحي بوجود تفسيرين اثنين، الأول يستند إلى رفض العهدة الخامسة والثاني يوعز إلى ما تمّ صنعه من طرف جهات أجنبية عملت على زعزعة استقرار الجزائر، وإدخالها في هذه الوضعية الحالية.
والطّرح الثّاني هو تحصيل حاصل لما يجري على الصّعيد العالمي من تشويش على العلاقات الدولية من قبل قوى شغلها الشّاغل الهيمنة على الآخر، ومؤشّرات هذا التّوجّه قائم اليوم وظاهر للعيان من خلال القرارات المؤلمة التي تتّخذ ضد الشّعوب المقاومة لهذا التيار الجارف.
وفي الجزائر فإن هناك أصوات عبر شبكة التّواصل الاجتماعي لها قدرة فائقة في التّأثير على الجمهور، ممّا أدّى إلى ردود الفعل التي وقفنا عليها خلال كل هذا المسار الشّعبي المنطلق منذ ٢٢ فيفري في كنف من الهدوء.
ولابد في مثل هذا الظّرف، أن يتضامن الجزائريّون لتفويت الفرصة على هؤلاء، ولا يتأتّى هذا إلا باعتماد الخطاب المضاد المبني على الصّدق وقول الحقيقة بخصوص وضعية البلد، وهذا من باب اطلاع الآخر عن المعطيات الواقعية التي بحوزته لإزالة كل هذه الضبابية، وكذلك الاجابة عن الأسئلة المطروحة من قبل المعنيّين خاصة ما تعلق بالآفاق القادمة.
وتبعا لهذا فإنّنا في قلب معركة شرسة في أداء الاتصال وتبليغ الرّسالة المنوطة بصاحب القرار، في التّصدي لكل تلك المحاولات الرّامية إلى تأجيج الوضع وتصعيد المواقف إلى درجة لا تطاق، وعليه لابد من القول هنا بأنّ أصوات «الفايسبوك» كان لها النّصيب الأكبر في تحريك النّاس يمكن وصفه بالسّلاح ذي حدّين كل واحد يخدمه وفق توجّهاته.
وهكذا ظهر بشكل ملفت للانتباه قادة الرأي في صورة خطباء لهم وقع كبير على الشباب خاصة يؤدون بهم الى مسالك معقّدة في التّعامل مع الأحداث، وممّا يثير المزيد من القلق هو مضمون تلك الخطابات الحاملة لحالات من الحقد والغضب والانتقام.
وبالرغم من كل هذا أبدى شيتور هدوءا كبيرا في تحليله للوضع الراهن من خلال رغبته الجامحة في البحث عن حل يخدم الجميع في الجزائر.
وتكمن هذه الحكمة الناعمة في أنّ البلد في حاجة ماسّة إلى كل أبنائه، اليد في اليد لبناء جزائر الغد دون أي إقصاء أو تهميش للآخر، ولسان حالنا مردّدا عبارة «الوطن فوق كل اعتبار»، والتّفكير مليّا وجليّا في واقع وآفاق المنظومة الاقتصادية على ضوء التّحوّلات الجارية في هذا العالم الذي لا يرحم، وجعلها قادرة على مواجهة كل طارئ وتكييفها مع المستجدّات الحالية، منها الاستثمار في الطّاقات المتجدّدة وولوج فضاء الاقتصاد المعرفي والذكاء الصناعي خيارات لا مفر منها مستقبلا كونها نوافذ على ترقية الأداءات في هذه المجالات.
وقد ركّز كثيرا شيتور على هذا الجانب كونه لا يرى انفصاما بين ما هو سياسي واقتصادي، الأول يكمّل الثاني من أجل التّوصل إلى الهدف المنشود، وهذا ما يريد أن نتوصّل إليه لاحقا، ومثل هذه التحولات الجارية في العالم اليوم تحز في نفسية الأستاذ شيتور انطلاقا من اطّلاعه الواسع على ما يحدث في البحث التّطبيقي، خاصة مع امتلاك الجزائر لكل مقوّمات هذه الانطلاقة المرجوّة من خلال مواردها البشرية المبدعة.