المرجعيـة الدينية صمـــام أمـــان والإمــام الدرع الواقــي للأمـــة
«الشمال الإفريقي والساحل جبهة قوية ضد التشدد، التمزيق، التمييز وضد الإقصاء، يجعل منها منطقة آمنة قادرة على القضاء على الإرهاب في مهده، في مرحلة الفكر»، هذا ما أبرزه وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، مؤكدا على مسؤولية الجزائر تجاه إفريقيا، لأنها هي التي ورّدت إليها هذه الطرق الصوفية مثل القادرية والتيجانية.
أكد، أمس، محمد عيسى في منتدى «الشعب»، الذي استضاف أئمة من دول الساحل الإفريقي المتواجدين في الجزائر في إطار دورة تدريبية، مسؤولية الجزائر تجاه إفريقيا، لأنها هي التي ورّدت إليها هذه الطرق الصوفية مثل الطريقة القادرية الكُنتية التي خرجت من أدرار إلى الساحل الإفريقي وهذا ما يجعل من الضروري متابعة ومعالجة ومرافقة «إخواننا في هذه القارة».
باستقراء التاريخ والعودة إلى إسلام ما قبل الأدلجة، العودة إلى المرحلة التي كان فيها الإسلام قيمة وسلوكا ووحدة ونظافة، أوضح ضيف المنتدى أن «الإسلام دين وليس فكرا» كما يريد بعض وصفه بذلك، مفيدا أن الطريقة التيجانية لها امتدادها في إفريقيا ويصل عدد أتباعها إلى نحو 250 مليون مريد في العالم، ومسؤولية الجزائر في أن تجعل هذه المدرسة تستفيد مما استفادت به في مجال اجتثاث التشدد والوقاية منه.
المدرسة التيجانية لاجتثاث التشدد والوقاية منه
وأضاف في سياق متصل، أن الدورة التكوينية الموجهة لفائدة أئمة دول الساحل، كانت أول دورة لصالح المدرسة التيجانية، قائلا: «لقد جلبنا إلى الجزائر ضيوفا من أئمة ودعاة من دول موريتانيا، السينغال، مالي وغامبيا، وهذه التجربة الأولى تمتد على مدار أسبوعين، يتعاقب على التدخل فيها أولئك الذين أسسوا لبرنامج اجتثاث التشدد والوقاية منه وهم خبراء من الجزائر».
قال عيسى، إن المكونين «فتحوا حوارا تفاعليا» يسمح لإخواننا الأئمة من دول الساحل أن يناقشوا وأن يعبّروا عن تجربتهم في مجال محاربة الفكر المتطرف المؤدي إلى الإرهاب». ولفت في هذا الصدد، إلى أن التقارير الأولية التي تخرج من هذه الدورة التكوينية تمحورت حول تحد واحد وهو اجتثاث الإرهاب والأسباب التي تؤدي إليه، منها التفسير والإسقاط الخاطئ للسور القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
الشبهات التي هيئت لحمام الدم في الجزائر موجودة في دول الساحل
وأضاف عيسى في هذا السياق، أن الشبهات التي هيئت في الجزائر في ثمانينيات القرن الماضي «لحمام الدم الذي عرفته سنوات التسعينيات، نفس هذه الشبهات ونفس المقاربات ونفس التشكيك في المرجعية ونفس اتهام الإسلام «الرسمي» وكأن هناك إسلام رسمي وإسلام غير رسمي؟!، نجدها موجودة في منطقة الساحل، لذلك «نريد للأئمة والدعاة الذين لديهم وجاهتهم في دولهم أن الاستفادة من التجربة الجزائرية في مكافحة الفكر الإرهابي واجتثاث الأفكار المتطرفة ونريد أن تكون الدول المشتركة بيننا مؤمَّنة في الضفتين؛ أمان يستطيع الأئمة أن ينشروه في دولهم والذي يجعل الحدود الجزائرية المالية أو النيجرية مؤمنة».
تحسين مستوى الأئمة الجذع المشترك بين الجزائر ودول الساحل
الساحل الإفريقي يشترك مع الجزائر في المرجعية الدينية، سواء في المذهب الفقهي، والمقاربة العقائدية (أهل السنة والجماعة) والتربية، والسلوك، المتمثلة في التصوف بمختلف مدارسه «نريد أن يكون الجذع المشترك بين الجزائريين والذي نسميه المرجعية الدينية الوطنية ممتدا إلى الساحل الإفريقي».
والجزائر أخذت على عاتقها تنظيم دورات لتحسين المستوى، وشرعت في تنظيم دورات من هذا النوع، بجعل تجربتها في تحسين المستوى لصالح أئمة دول الساحل، قائلا: «نريد أن يكون الجذع المشترك بين الجزائريين والذي نسميه المرجعية الدينية الوطنية ممتدا إلى الساحل الإفريقي».
كما ذكّر الوزير بأن الدبلوماسية الدينية سمحت بتطوير مقاربة دينية جديدة لمحاربة الإرهاب فكريا، لأن التفجير، التذبيح والقتل أو النسف كلها أفعال تنبني على السلوك المتشدد المتطرف الذي هو وليد فكرة أولى تبدأ بتكفير الآخر.