لجنة تأهيل المسجونين في الإرهاب أحصت 400 شبهة
الإنتشار المخيف أحيانا للفتاوى وما تحمله الأحاديث الدينية تحت تسميات مختلفة عبر الفضائيات الجزائرية، تشوش على المتابع لما تبثه هذه القنوات، من قراءات تجاه المسائل الحساسة القادرة على إحداث «صدمة» في فكر الفرد قد تؤدي به أحيانا إلى التشكيك في كل ما هو راسخ له بالمراجعة أو بشيء من هذا القبيل وهذا ما نقف عليه يوميا عبر تكليف أناس بمخاطبة الرأي العام بأفكار حقا تحتاج إلى الكثير من التمحيص وحتى التنقيح لم لا كونها مشحونة بتوجهات نابعة من أمزجة الأشخاص المترجمة لمنابع شتى.
جمال أوكيلي
في هذا السياق، أشار يوسف مشرية باحث ومستشار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى أن هناك استعدادا كاملا لدى الوصاية لتزويد هذه القنوات الفضائية بكفاءات علمية لها القدرة في تبليغ الرسالة العطرة لديننا الحنيف دون الوقوع في أي مطبات غير محسوبة قد تعود بالعواقب الوخيمة على الأشخاص الذين يداومون على مشاهدة ما يعرف بالحصص الدينية.
في هذا الإطار، بادرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف باستحداث المجلس العلمي، كمشروع يكون عبارة عن ممر إجباري بالنسبة للقنوات التي ترغب في أن يكون لها منابر مرئية للتواصل مع المشاهدين، غير أن الأمر لم يكن كما تمناه الراغبون في إحتواء أو بالأحرى مرافقة هذه الركائز الإعلامية في برامجها الدينية.
وعبر الأستاذ يوسف مشرية عن أمله في ألا تكون هذه الفضائيات مصدرا لفكر نشاز يؤسس لمرجعية دينية تقوم على الإختلاف بل الشغل الشاغل هو التفاعل مع مقاربات الرأي الآخر، لكن وإستنادا إلى ما تم ملاحظته في هذا الشأن فإن الرسو يكون دائما إلى القيم الخيرة.
وسرد هنا المستشار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف عينات من النماذج المطروحة في النقاشات اليومية، كرفع الآذان وقراءتنا للقرآن الكريم. وفي هذا الإطار فإن العمل منصب على توحيد هذه المسائل الدينية وفق ما دأبت عليه المرجعيات عندنا.
وشرح الأستاذ يوسف مشرية شرحا مستفيضا للمشروع الآخر، الذي تشتغل عليه الوزارة ألا وهو إعادة تأهيل الفكر المتطرف لدى المحبوسين في إطار الإرهاب والسعي الحثيث من أجل دعوتهم قصد التخلي عن كل هذا التشدد والغلو في مسائل الدين معتبرا مثل هذا العمل ممكنا جدا وقائما بذاته إن إهتدى الجميع إلى الحوار والنقاش الذي يوصل كل واحد إلى النقطة التي يريدها وهو التقاطع الذي يرغبه كل واحد مقصد الخير.
وحسب الأستاذ يوسف مشرية، فإن اللجنة المكلفة بتأهيل المحبوسين من ذوي الفكر المتشدد أحصت ٤٠٠ شبهة وفسر مصطلح الشبهة على أنه إختلاط الحق بالباطل، ومثل هذه المفاهيم تحتاج فعلا إلى المزيد من الشرح والتوضيح إذا ما وقفنا على صيغة التصنيف لكل هذا الكم الهائل من «الشبهات»، وفي مقابل ذلك يتطلب الأمر عملا دقيقا ومفصلا للتحكم في ذلك، وكل من تصدر على لسانه أقوال معينة عليه بالدليل القاطع والبنية الدامغة.
بناءا على كل هذا فإن هذه المشارب التي طفحت اليوم إلى السطح، تحاول أن تعاكس كل ما تلقاه المجتمع الجزائري في هذا الصدد، إعتمادا على قاعدة الوسطية والإعتدال التي رفع لواؤها أئمة وأساتذة يشهد لهم التاريخ بنزاهتهم وحرصهم على تفادي أي تطرف كأحمد حماني، علي شنتير، عبد الرحمان الجيلالي، علي مغربي، عبد الرحمان شيبان، مولود قاسم، وغيرهم من الفطاحل الذين كانوا سدا منيعا، أوقف كل تلك الموجات من الأفكار المنتشرة منذ ٧٠، وكانت الجزائر في منأى عن كل هذه الهزات نظرا لقدرتهم على التواصل السلس مع الآخر.