كثيرا ما تهاتفنا الأحلام الخامدة في غياهب الحقيقة، لتنزل علينا حمّى الاشتياق، وتحل بنا لعنة الآمال التي دُحِرت قسرا تحت أقدام الواقع. كنا نحمل في قلوبنا بقعة ضوء شارد تعج بالأحلام ولكننا اليوم رمينا بها في بحر الحياة، ولم يجذر بنا إلا الاعتذار لها .. وسط ضجيج صامت يرّن في أذني لها، لتستقبل أجزائي تلك الأماني الخافتة وهي ترمقني بنظرة ساخرة.. تقسو عليّ بسؤال أنا لا أملك جوابه. لا داعي حتى لتقفي جوابه، فسأجد العدم أنت يا صاح؛ تبدو سيئا جدا في الوفاء كالبقية. ماذا عساني أرد؟ أنا الآن في موقف لا أُحسد عليه، كطفل تاه في أحضان المجهول، كشجرة تلاعبت بأوراقها حفيف الرياح الغاضبة، كموجة جزْر أعلنت ابتلاع حورية البحر، هنا بين ثنايا صمتي واعتذاري، في هذه البقعة بالضبط يستوطن شجني، هنا يستقر فتات سعادتي.. وتحديدا هنا أنا لا أجدني..
دقائق فاصلة بيني وبين قراراتٍ فرّت زمامها من يدي، ولا أملك وقع التأثير عليها. وسرعان ما تتعكر ذبذبات الاتصال من حشرجة صوتي وتلك الكائنات الطفيلية الملقبة «بالعبرات». وقبل أن تعلن المضيفة انتهاء رصيدي تلقي عليَّ أحلامي السرمدية سلاما حارّا، من حمامة بيضاء تحلّق في سماء قلبي وبين صفحات ذاكرتي، تخبرني بموعد للقاء ليس ببعيد، تجزم لي بأن كل حلم سيبدد ظلامه نور، وكل تضحية ستُرفع لها القبعة، وإن طالت العثرات، فلا يأس مع الحياة .. عزيزي المشترك انتهت خدمة الرسائل المجانية… لا بأس بقليل من الانتظار سأحتفظ بك في مسودة هاتفي وسأدّون اسمك في قائمة الأحلام المؤجلة.