قصيدة

فجــــر ورحيـــــل

رويدا سليمان

رحيلٌ إلى المجهولِ.. قد بدأ
مجهولٌ ربما... خلعَ الثوبَ
أيامُ الوداعِ تقتربُ...
لحظاتُهُ ترتسِمُ أمامَ مخيلتي
مضنيةً.. شاقةً ومتسارعةً
تَخُطُها ريشةُ الأيامِ غارفةً ألوانها
مرةً من رحيق الحياة..
ومرةً من ماء الأرواحِ المقطَّرِ
مِن عُصارةِ الزمنِ الهَرِم...!
لحظاتٍ تبكيها المُقلُ الهاربةُ
من جحيمِ الإنسانِ.. والتائهةُ في
ضبابِ الزمنِ المتوحشِ...!
صرخاتُ النَّاي الحزين تُذوي
القلوبَ.. تندبُ الرحيل..َ
وتُعلِنُ الموعدَ
معَ الفجرِ... تتهامسُ الشفاهُ
أشلاءٌ بشرية تتحركٌُ بخنوعٍ تامٍ
... متأهبةً للوداعِ
دموعٌ تجّمدت في العيونِ الذابلةِ
بينما... رقصَ الصباحُ رقصةَ الرحيل...
السماءُ.. العصافيرُ ونسماتُ أواخرِ الصيفِ
مارسَت معهم طقوسَ الوداعِ...
تشابكَت الأيادي.. تلاصَقت الصدور
وتراقصَت الشفاه...
تلاقَت العيون... عاتَبَت.. شكَت وتضرَّعت
زفرَاتُ الحزنِ الأخيرة.. نُفِثِت
القلوبُ غصٌَت عندما أدارَ
الراحلون ظهورهم..
مناديلُهم غرِقَت في مدى الشفقِ المحترقِ
بعد أن علَّقَوا على جدرانِ القلوبِ التعاويذَ
وبقيَ الحبُّ على عرشِهِ صعبَ المنالِ...!
لم يَطالوهُ.. فرَحلوا يُفتشِون عنهُ...
يَلحَقونَ سَرابَ الحبٌِ في يمِّ الرمال المتحركةِ
وهوَ يبقى على عرشهِ صعبَ المنالِ...
تَغيبُ قوافلُهم وتضيعُ في الأفق الشاردِ
يَسبِقُها ذاك السراب...
أصحو.. أتلمَّسُ جسدي وأشيائي بجنونٍ
ألتَفِتُ في كلِّ إتجاهٍ.. أينَ القوافِلَ..؟
أينَ الأفُق المحترق؟
أينَ المناديلَ.. الحبٌَ والنَّايَ الحزين؟
لا أجدُ سوى فراشي ووسادتي..
وقلبي المتورِّمِ وحلُماً...
أهو
آآهٍ... أيٌُها النَّايُ...!
ليتَهُ يبقى حُلُماً...
لا رحيلَ ولا راحلين...
لا حزنَ ولا أنين...
ولأفقِد كلَّ شيئٍ فِداءً لهم..
وكُن وحدكَ.. أنتَ يا نايِّ الحزين...
رفيقَهم... وتعويذَة الدرب الطويل...!

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024