كان المدير يراقبني من نافذة مكتبه، فلم أنتبه له لأنّي كنت أقف مزهواً سعيداً وسط حديقة المدرسة؛ حديقة واسعة تتنوّع ورودها ونباتاتها، منظرها المتناسق المبهج، أشكالها المختلفة ورائحتها الفواحّة كانت تثيرني منذ سنتي الأول في المدرسة!
اقتربت من الورود الحمراء ثم انحنيت وقطفت وردة،شممتها،. تلمست بتلاتها بيدي، لم أدري إلا والمدير واقف بجانبي محمر الوجه: ـ ما ذا تفعل ؟
أفزعني ظهور المدير المباغت، فتراجعت وجلا : - آه...آه سيدي المدير!
ـ في أي قسم تدرس؟
ـ في قسم أ / 3 وقد أرسلني المعلم إلى الآنسة «مروة» لأستعير طبشوراً أحمرا.
دنا المدير مني أكثر ثم قال أمرا: ـ أعدها إلى مكانها!
ـ لا أستطيع!
ـ ألصقها في الأرض كما كانت!
ـ غير ممكن! مستحيل يا سيدي!
صفعني بقوّة على خدي الأيمن حتى سقطت وسط النباتات...
ـ انهض! إنها أجمل الورود! أتعرف؟
هززّت رأسي: ـ أعرف....ركلني بقوة وصرخ: ـ تعرف! تعمّدت فعل ذلك!
ـ لأنّها أجمل الورود فكرت في أن أهديها لأمي في عيد الأم...غدا....
ابتسم المدير ثم قال: ـ وهل أنت متأكد أن أمّك يُبهجها أن تقطف ورود الحديقة المدرسية؟! عليك أن تقِّدر جهود الجنائني عمي حمزة، إذ يكد ّ في الاعتناء بها ليصنع لنا تحفة فنية تسر الناظرين من تلاميذ ومعلمين وزوار.....
صمت قليلا ثم أضاف: ـ ولأنك فكرت في والدتك فإني سامحتك ولن أحيلك إلى المجلس التأديبي...
تلمّست خدي فخصري ونهضت ثم انطلقت إلى القسم، وتركت المدير ورائي يتطلّع إلى الورود بحنان!