كالعادة ليس هنَاك شيء جديد سوى أنّني أدمنت الرسم وسماع الموسيقى كل ليلة قبل النّوم، كما أنّني ازدت وزناً وأظن أنّ هذا من قطع الشّكولاطة التي أشتريها من متجر العمْ «منعم» كل يوم، إنّ مذاقُها لذيذٌ جداً فهي تخفّف ألم الوحدة الذي أشعُر به.
لا زلتُ كَعادتي القديمة أرتشف القهوة بدُون سكر، وألتهِم الكُتب كل صبيحَة. لم يتغيّر شيء منذ رحيلك، لازال بائع الأيس كريم يصرخ فِي وجه الأولاد الصِغار، الذين يسخَرون من ملابسه الملوَنة التي تشبه حديقة الزُهور. والطفل «أليكس» لا زال يسرق الخبز من مخبزة أخي
«أحمد»، وكالعادة «أحمد» يتصرّف وكأنّه لم يرى شيئا دون أن يعاقبه، لو أنّه عاقبه على فعله هذا لا كان توقّف عن السّرقة.
والخالة «بوران» تأتي كل يوم وتحتسي الشاي مع جدتي «ماجدة» في الحديقة الخلفية لمنزلنا، وتشتكي من حفيداتهَا اللّواتي رفضن الزواج.
يا الهي..! كم أكرَه الزواج المدّبر! أيعقِل أن تتزوج بشخص لا تُحبه،
يقولُون: أن حَكايا الحب الأولى في حياتنا سعادَتها لا تنسى وألمها لا يُمحَى، تعيد إلى أرواحنا عند تذكّرها أحَاسيس قديمة كنا نظنها دُفنت،نحن نتذكّرها ليس بالضرورة لأنها كانت تجارُب جميلة، بل لأنّنا عِشنا فيهَا أجمل لحظات.
رحيلك لم يغير شيئا يا عزيزي، كما ترى الحياة لا زالتْ تسير والأيام تركُض، حتَى أنا لم أمُت حين رحلتْ، وتلك الضربات التي قتلتْني جعلتنِي أكثر قوّة.